الجمعة، 17 أبريل 2015

قرية قجال عبر التاريخ






 

قرية قجال عبر التاريخ




 


* قجال الاسم والموقع:


ڤـجال ، ڤـيجل ، أو (إيڤـجان) أو دار الهجرة و بيت الحكمة ، أو بلاد سيدي مسعود ،تلك هي الأسماء التاريخية التي أطلقت على قرية ڤـجال . تقع جنوب شرق مدينة سطيف ،وتبعد  عنها بمسافة اثني عشر كيلومترا ،ويمر بها الطريق الوطني الرابط بين مدينة سطيف ومدينة باتنة ،وإلى الجنوب منها يقع جبل يوسف ،الذي يبعد عنها بأكثر من عشر كيلومترات .


ڤـجال اليوم اسم لبلدية تضم العديد من البلدات ،و الدواوير ،والمشاتي ،وهي أيضا اسم لدائرة تضم بالإضافة إلى منطقة قجال رأس الماء ،مركز كل من الدائرة والبلدية ، وأولاد صابر، وبن اذياب والدوار الكبير. 
 تبلغ مساحتها 351 كم2 وتعداد سكانها حوالي 27529 نسمة حسب إحصائية سنة 1996 .
(تعداد سكانها حوالي 33.685 نسمة حسب  (احصاء سنة 2008) .)


* قجال قرية تاريخية :

إن منطقة قجال قديمة ظهرت أهميتها في عصر ما قبل التاريخ إذ ينسب إليها نموذج لأقدم إنسان في الجهة يدعى إنسان عين الحنش (1) وقيل أن اسم القرية قجال يعود إلى العهد الروماني البيزنطي وهو مركب من قي وجان  (  Guy و   JEAN) (و ڤـي) اسم الإمبراطور و(جان) ابن الإمبراطور, وتحول بعد ذلك إلى ڤـجال. 
وقد أشار  العلامة ابن خلدون إلى الأصل الروماني لقرية ڤـجال مدعما رأيه بما وجد في القرية من أنفاق وقبور  وأعمدة وأحواض حجرية وأواني فخارية  مازال بعضها إلى يومنا . 
ومما يلفت الانتباه , ويدعو إلى البحث ما يرويه المواطنون عن أجدادهم من وجود  القصر العظيم خلف الجامع كما يدعى أيضا قصر الزهو الذي كان من الاتساع والضخامة  بحيث يتحول أثناء حملات الغزو الخارجي إلي ملجإ يختبئ فيه سكان القرية مع مواشيهم وبهائمهم حماية لأنفسهم وأموالهم من السلب والنهب .كما يلاحظ وجود مجموعة من الآبار المبنية بصخور ضخمة على شكل البناء الروماني بعض هذه الآبار اندثر مثل بئر القصر , وبعضها مازال مثل بئر الزنقة , وبئر الجامع أضف إلى ذلك ما اكتشفه ويكتشفه المواطنون أثناء حفر أسس البناء أو ترع أو آبار من آثار ذات طابع إسلامي كالجرار والأواني وشهود قبور كتب عليها "لاإله إلا الله محمد رسول الله " ( 2 ) مما يؤكد أن منطقة قجال مرت بعهود تاريخية كبرى منها العهد الروماني البيزنطي والعهد الإسلامي الأول أي عهد الفتوحات .
ويقال أن قرية قجال كانت بلدة عامرة واسعة الأرجاء مما جعل سكانها الذين يقطنون في غربها لايعرفون الذين يقطنون في شرقها.
 وتؤكد الروايات المنقولة عن المواطنين بما فيها رواية عن أجداد عائلة  حمادوش الذين توارثوا الإشراف على الزاوية عن جدهم الأكبر سيدي مسعود الإدريسي الحسني الڤـجالي أن موقع المسجد الحالي هو بالأساس موقع لمسجد بناه الفاتحون الأوائل.                                                
ويقال أن الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير كان ممن شاركوا في بناء المسجد وترك أثر يده  على الجدار القبلي للمسجد وبقي هذا الأثر قائما إلى زمن قدوم سيدي مسعود إلى قجال .
ويفترض بعض المؤرخين أن ڤـجال هي إيڤـجان القديمة التي انطلقت منها الدعوة لإقامة الدولة الفاطمية ، وكانت تدعى أيضا دار الهجرة (3)   
                               
* قدوم سيدي مسعود قدس الله سره إلى قجال : 
إن أهم معلم لقرية قجال هو مقام سيدي مسعود الإدريسي (طيب الله ثراه) الذي له صبغة تقديسية عند سكان المنطقة ويرتبط ذكر سيدي مسعود بالقبور السبعة أو السبع الرقود - كما يسميهم المواطنون - الذين مازالت قبورهم ذات الشواهد المرتفعة معروفة عند جميع السكان ، وقد اختلفت الروايات حول هذه القبور السبعة التي يمكن إجمالها في ثلاث روايات : أولاها أن هؤلاء السبع الرقود هم سبعة إخوة جاءوا من المغرب في زمن سيدي مسعود وناموا ليلتهم بڤـجال فلما أصبح الصباح وجدوا في حالة نوم أبدي فدفنوا في قبورهم  التي مازالت شاهدة عليهم ، من هنا شبه حالهم بحال أهل الكهف . أما الرواية الثانية فهم سبعة إخوة من أحفاد سيدي مسعود قتلوا بالسم مع أختهم  من طرف أعداء لهم  ،والرواية الثالثة أنهم سبعة إخوة استشهدوا  معا في معركة من معارك الجهاد . ولكن هذه الرواية لا تحدد تاريخا ولا مكانا لهذه المعركة .                                   
وكان مقام سيدي مسعود مزارا مباركا يرجى الدعاء عند مرقده الشريف .وقد بلغت درجة التقديس لضريحه وأضرحة السبع الرقود أن المحاكم بمدينة سطيف ،كانت تشترط على الخصوم أداء القسم المطلوبة عندها . أما سيدي مسعود فهو حسني النسب , حيث تؤكد الوثائق الخاصة بسلسلة نسب عائلة حمادوش أن سيدي مسعود هو الحفيد الثاني عشر في ذرية الإمام الحسن المجتبى بن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام) ،وفيما يلي سلسلة نسبه: (سيدي مسعود بن عبد الحميد بن عمر بن محمد بن إدريس بن داود بن إدريس الثاني بن إدريس الأول بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الإمام الحسن بن الإمام علي (عليه السلام) (4)                                    

و يعود استيطان سيدي مسعود في قجال إلى القرن الخامس الهجري (5) بعد رحلة قادته من فاس إلى قرية ڤجال ولا ندري لماذا وقع اختياره على قرية ڤجال ؟ أ لأنها موقع من مواقع جيوش الفتح الإسلامي كما سبقت الإشارة إلى ذلك ، أم لأنها دار الهجرة وبيت الحكمة ؟ أم لدعوة جاءته من أهل ڤجال الذين كان شأنهم شأن  أكثر أهل المغرب العربي الذين عرفوا بتعلقهم الشديد بآل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله سلم) فتبركوا بهم وصهروهم وبوؤوهم من السيادة والولاية والرئاسة ما لم يجدوه في المشرق العربي ؛ لأنهم عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخاصته وقد أمرالله تعالى بمودتهم ورعايتهم فقال سبحانه :" قل لاأسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (سورة الشورىالآية 23) ، روى الترمذي في سننه عن زيد بن أرقم (رضي الله عنهما) قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدمهما أعظم من الآخر؛كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ،فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟".


ولأنهم سفينة النجاة ،روى الحاكم في المستدرك أن أبا ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ) .
ولأن أهل المغرب العربي وجدوا في أهل البيت النبوي من الخصائص الفطرية والمميزات الإنسانية التي تمثلت قيم الإسلام واصطبغت بصبغته فكانوا بحق القدوة التي تطلب والأسوة التي تترجى .

ولهذا فإنه يُرجَّح أن قدوم سيدي مسعود إلى قرية ڤجال كان بدعوة من سكانها , فحقق لهم الرجاء وحل بينهم إماما وسيدا وجحة ومولى لهم .
 ويروي الأجداد عن قدوم سيدي مسعود أنه استقبل استقبال الأمل والرجاء من طرف سكان ڤجال عند مشته لخلف ،حيث أمر حرسه المرافق له بالتوقف عند الفيض  الذي أخذ منذ ذلك اليوم اسم (فيض الحرس ) . 
 

وكان مما سجلته الذاكرة الشعبية ومازالت تتناقله الروايات الشفوية إلى اليوم أن سيدي مسعود قال دعوا ناقتي تسير فحيثما بركت  هناك مقامي ومدفني  وقد دفن (قدس الله سره) حيث بركت ناقته .                                        
 
* ڤـجال منارة للإشعاع الديني والثقافي :
ومنذ قودم سيدي مسعود المبارك إلى ڤـجال بدأت مرحلة جديدة في مسيرة قرية ڤـجال التاريخية حيث عرفت فيما توالى من الأزمنة والقرون بالمسجد والزاوية التابعة له، التي أنشئت لغرض نشر العلوم الإسلامية واللغة العربية  وتدريس الفقه المالكي والإصلاح الاجتماعي .
وقد نص على ذلك مخطوط عليه توقيع أبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري الإشبيلي أحد أعلام الفقه المالكي البارزين (6)
وتولى الإشراف على التعليم بالزاوية وإدارة الأملاك الوقفية من الأراضي الفلاحية أحفاد سيدي مسعود من بعده بمراسيم وعقود موقعة من طرف الأمراء والعلماء  من أمثال ابن العربي , والإمام  الجليل أبي يحي زكرياء (7) والإمام المجاهد أبي العباس أحمد (8) وسيدي محمد بن يوسف الصغير، هذا الأخير الذي  توفي بڤـجال ودفن بمقبرة سيدي مسعود ومازال قبره معروفا إلى اليوم (9 )
 إن المتأمل في عقود الأراضي الفلاحية -  المحبوسة باسم سيدي مسعود أو أحفاده منذ القرن الخامس الهجري التي تمتد من " جبل مقرس  الذي يقع شمال غرب مدينة سطيف إلى ثنية فرماة (المسماة اليوم الشيخ العيفه  ) وانحدرت مع الوادي المتصل بها إلى وادي الشوك ثم انحدرت معه إلى رأس قلال ثم  مضت  إلى جهة جبل يوسف ثم إلى جبل براو(10) هذه  حدودها  الغربية  والجنوبية  أما  من جهة  الشمال فهي تمتد إلى بلاد بوغنجة  وأولاد بوروبة.   
- يتبادر إلى ذهنه العديد من التساؤلات والقضايا  التي تحتاج إلى بحث واستقصاء ودراسة في الآثار المكتوبة والمجسمة والشفوية لتبيان العلاقة  بين الزاوية كمؤسسة دينية ثقافية تعليمية اجتماعية، والزاوية كمؤسسة اقتصادية تمارس  العمل الفلاحي وتنظبم الأوقاف وتوزيع العمل بينها وبين الشركاء والأجراء وحساب العائدات و إخراج الزكوات والأعشار. فكيف كانت تتم هذه الأعمال كلها ؟وما طبيعة المسيرين والمنفذين وعلاقتهم بشيخ الزاوية أو المقدم عليها ؟ وما علاقة الزاوية كهيئة تعليمية اجتماعية بالمجتمع من جهة والدولة من جهة  ثانية ؟ وما مدى استقلالية الزاوية عن الدولة في ذلك الزمان ؟     
فما أحوجنا إلى اكتشاف هذا المخزون من أنظمة  مجتمعنا المختلفة في زمن تألقه لعله يسعف أولا هيئات الأوقاف في سعيها الحالي إلى استعادة تلك الأراضي والأملاك الوقفية ويسعف ثانيا المفكرين والباحثين الاجتماعيين في سعيهم إلى التأصيل من أجل بعث هياكل جديدة متطورة لمؤسساتنا الدينية والتعليمية والثقافية والاجتماعية في ظل المجتمع المدني الحديث ، وما تفرضه من تنظيمات تشمل جميع النشاطات الإنسانية .  
                                              
* قجال مزار العلماء وملجأ الصالحين :
ونعود إلى قرية قجال  التي سجل لها التاريخ حضورا معنويا كبيرا حيث تشرفت باستقبال علماء أجلاء من أمثال سيدي عبد الرحمن الأخضري الذي عاش في القرن العاشر الهجري  فقد ذكر أنه كان يزورها للتدريس والتبرك بزيارة مقام سيدي مسعود، وقد كتب له أن يتوفاه الأجل في قرية قجال . ونقل جثمانه الطاهر  على أكتاف طلبته إلى قريته "بنطيوس" ببسكرة حيث دفن هناك ( 11)
ومن العلماء العاملين الذي تشرفت قرية ڤـجال المباركة بإقامتهم فيها والتدريس في مسجدها سيدي محمد الصغيربن يوسف الحملاوي .كما تشرفت أيضا بالشيخ أبي القاسم بن السعد الحامي الذي علم بزاوية ڤـجال وقد ذكر أنه ترك بمكتبتها العديد من المخطوطات لم نجد منها إلا مخطوطا واحدا في شرح الأجرومية فرغ من إنجازه في نهاية السنة المتممة للقرن الثاني عشر الهجري . ومن الرجال الصالحين نذكر  الرجل الصالح الشريف النسب سيدي عمر قادري  الذي تعلم بڤـجال وكان صاحب علم وولاية 
* ڤـجال موقع حربي :
ويبدو أن قرية ڤـجال موعودة بأحداث التاريخ فما من عهد إلا ولها فيه قصة . قرأت في سلسلة 
(REVUE AFRICAINE ) حديثا عن معركة كبرى وقعت بين جيش العرب بقيادة أحمد بن السخري بن أبي عكاز العلوي وبين جيش الترك بقيادة مراد باي , بضواحي قرية ڤـجال يوم السبت (12) جمادىs الأولى سنة 1048هجري الموافق ل20 سبتمبر1638م. لقد حقق أحمد بن السخري انتصارا ساحقا على مراد باي الذي فر هاربا إلى الجزائر .    
* أهل قجال :
 التدين من غير غلو، والتصوف من غير ابتداع :
             
 وقد غلب على أهل ڤـجال على مر السنين التدين الخالص والروحانية الطاهرة  التي  أشاعها وجود مقام سيدي مسعود (قدس الله سره) , وقد اجتهد أحفاده من بعده في التزام ذلك النهج القويم , في التدين من غير غلو, والتصوف من غير ابتداع, وكانت الطريقة المتبعة أشعريه المعتقد مالكية المذهب . (جنيدية السلوك) (13) تستمد روحها من سيرة أهل البيت ،والصحابة المنتجبين (رضوان الله تعالى عنهم.و كان لهذه الطريقة الأثر البالغ في سيرة الشيوخ الذين عرفوا بالزهد الحقيقي الذي لايقعد بالإنسان عن العمل فكانوا يعتبرون ترك العمل من قبل الزاهد  منقصة له في زهده ومذلة له في دنياه كما كانوا أهل تربية وسلوك يفضلون التعليم  على التدوين , ويرون أن إعداد طالب إعدادا صالحا أولى من تصنيف كتاب أو تحرير  رسالة في فن من الفنون ويشارك زاوية ڤـجال في هذا النهج , كثير من الزوايا العلمية التي كان لها دور أساسي وكبير في قيادة المقاومة الوطنية  ضد الوجود الفرنسي في الجزائر في القرن التاسع عشر ، فقد كان شيوخها قادة الثورات ومفجروها ، وطلبتها جنود ميادين الوغى وفرسانها ومن هؤلاء  كان الشيخ سيدي الطاهر بن حمادوش .      
    

* شباب ڤجال :من طلب العلم إلى طلب الشهادة :

وإذا كانت مشاركة قجال في المقاومة الوطنية في القرن الماضي لا تكاد تذكر  إلا من بعض الأفراد ، نظرا للصراعات المحتدمة في ذلك الوقت بين الأعراش ، بين مؤيد للمقاومة  ومنخرط فيها ، وبين مثبط للعزائم سائر في ركاب فرنسا فإن حضور ڤـجال في الحركة الوطنية السياسية  في النصف الأول من هذا القرن ، من خلال التنظيمات الحزبية والجمعيات كان قويا ومكثفا فلا يكاد يخلو بيت من بيوت ڤـجال بجميع بلداته و دواويره ومشاتيه من منتم إلى أحد الأحزاب السياسية  أو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كما سعى الكثير من شباب المنطقة إلى طلب العلم في زاوية ڤـجال التي كان يدرس بها العلامة الحجة في الفقه الشيخ المختار بن الشيخ (رحمه الله) ومن بعده الشيخ الشهيد عبد الحميد حمادوش ، أو زاوية (بلكتفي) التي أنشأها الشيخ الطيب ڤـرڤـور (رحمه الله) وكان يدرس فيها هو بنفسه ، ومنهم من ارتحل إلى طلب العلم  بالمدارس الحرة بسطيف أو مدارس جمعية العلماء بقسنطينة ومنهم من سافر إلى الخارج لإتمام دراسته بجامع الزيتونة في تونس أو جامع القرويين في المغرب .


لقد كان هؤلاء الشباب من طلبة العلم وعلى رأسهم الشهيد سيدي عبد الحميد حمادوش هم زينة ڤـجال ،التاريخ والعلم ،وهم فخر أهلها .فلما جاءت الثورة المباركة ثورة أول نوفمبر  1954 م الخالدة ، كان أهل ڤـجال في الموعد وشاركوا فيها عن بكرة أبيهم فماخلا بيت من بيوت ڤـجال من شهيد أو مجاهد فرحم الله الشهداء رحمة واسعة ،وأسكنهم فسيح جنان الخلد وجعل ذكراهم حية في قلوبنا دائما ورحم الله من مات من المجاهدين وأدام عافية من بقي منهم على قيد الحياة .                                                             

* ڤجال بعد الاستقلال : 

 أما بعد الاستقلال فقد كانت قرية ڤـجال السباقة إلى تدشين أول مدرسة حرة للتعليم بالعربية في المنطقة كلها ؛ وبمباركة الشيخ سيدي محمد الصديق حمادوش شرع الشيخ القرشي مدني في تعليمنا بالمسجد وكنا يومئذ بضعة تلاميذ نكون أول حلقة لطلب العلم في ڤـجال بعد الاستقلال . ثم خلف الشيخ القريشي الشيخ الحسين أحد طلبة الشيخ عبد الحميد بن باديس . ثم كانت بعد ذلك الانطلاقة الحقيقية لمدرسة عبد الحميد حمادوش بقيادة اللجنة الدينية التي باركها الشيخ سيدي محمد الصديق حمادوش ،وترأسها سي البشير قزوط ،وبقية أعضائها كل من الشيخ الأستاذ القريشي مدني ،والشيخ لحسن بودرافه ، وسي البشير فلاحي ، وسي بوزيد هيشور ،والشيخ لخضر كسكاس ،الذي كان يسهر على إعداد الطعام للطلبة ؛هؤلاء كلهم  قضوا نحبهم فرحمهم الله ،وجزاهم الله عنا خير الجزاء ،ومنهم الشيخ محمد خلفي (رحمه الله) . وكذلك معلمنا وأستاذنا المميز الشيخ إسماعيل رزوق (أطال الله عمره) . فبفضل الله تعالى الذي قيض هؤلاء الرجال وغيرهم الذين لم نذكر أسماءهم كانت الانطلاقة العملاقة لمدرسة الشهيد عبد الحميد حمادوش ؛حيث تم افتتاحها في بداية السنة الدراسية 1963/1964 بحفل بهيج وعامر بالعلماء من أمثال الشيخ الجليل نعيم النعيمي ممثلا لوزارة الشؤون الدينية و الشيخ العوضي المصري الذي ألقي في الحفل خطبة عصماء مازال صدى كلماتها يتردد في آذاننا إلى اليوم والشيخ الإمام رابح بن مدور ،وجمع غفير من الموطنين . 
وكان عطاء هذه المدرسة المباركة وافرا ؛ فتخرج منها أجيال وأجيال بشهادات تعليمية وعلمية أمدت المدرسة الجزائرية الناشئة بمعلمين وأساتذة وفتحت الباب لطلبة شقوا طريقهم نحو الدراسات الجامعية في الداخل والخارج في مختلف التخصصات .
وكفى هذه المدرسة فخرا واعتزازا أن لها في التعليم والإدارة والأمن والجيش والصحافة والقضاء والمصارف رجال ورجال كان لها الفضل في بداية تعليمهم وقد قيل الفضل للمبتدي وإن أحسن المقتدي . 
واليوم هاهي مدرسة قجال القرآنية تحاول أن تلتمس طريق الانطلاق من جديد بإرادة جديدة وعزم وتصميم أكيدين .وهذا مشروعها المتكامل تقدمه لكم أينما كنتم وفي كل المواقع ،وتهيب بكم أن تكونوا معا يدا بيد ليبقى قجالكم دائما في خدمة القرآن الكريم وعلومه المختلفة ولنجسد معا المقولة الخالدة  
  
    ( قجــال مـا يخـلى والعـلم مـا يـخـطـيه)





 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق