الجمعة، 17 أبريل 2015

سيدي عبد الرحمن الأخضري

 علماء وشيوخ من زاوية ڤجال


سيدي عبد الرحمن الأخضري

 




هو من أبرز علماء الجزائر في القرن العاشر الهجري، لقد أطبقت شهرته الآفاق ودرّس في شتى حواضر العلم والمعرفة ، من بغداد إلى الأزهر بالقاهرة إلى الزيتونة بتونس . 
ألف في شتى المعارف العقلية و الشرعية والفقهية واللغوية والرياضية من أشهر مؤلفاته السلم المرونق في المنطق الذي ترجمه المستشرق الفرنسي لوسيان سنة1921م وقد عده من أعظم الكتب العالمية ، حيث قارنه بكتاب " حديقة الزهور الإغريقية" لمؤلفه كلود  لانسلوا .ومن كتبه أيضا منظومة الدرة البيضاء في الفرائض والحساب  والجوهر المكنون في علم البيان وكتاب في فقه العبادات ، ومنظومة في التصوف . لقد كاد عالمنا الجليل سيدي عبد الرحمن الأخضري أن يبلغ بعمره الثقافي عمره الزمني حيث بلغت مؤلفاته الثلاثين ولم يكتب له من العمر إلا اثنان وثلاثون سنة .


كان سيدي عبد الرحمن الأخضري عالما عاملا وتقيا ورعا وعابدا مخبتا يقضي نهاره في التدريس فإذا ما أقبل الليل أوى إلى كهف يسمى "الخلوة "يقع بالقرب من مقام سيدي مسعود يتعبد ويتحنث ويصلي أغلب الليل وقبل الفجر يعود إلى المسجد ليستأنف نشاطه اليومي في التدريس أو التأليف . كان في شهر رمضان يختم القرآن الكريم المرة والمرتين بين الليل والنهار وكلما أتى على ختمة سجل علامة بجدار المحراب بإصبعه . روى لي الأستاذ الشريف رزوق أن الشهيد عبد الحميد ذكر لهم أنه شاهد تلك العلامات مع أثر الأصبع واضحة. وكان قد اتُّفِق علي المحافظة عليها ولكن أثناء تجديد بناء المسجد في الثلاثينيات غفلوا عن ذلك فهدم المحراب و ذهبت معه تلك الآثار. 
وقد تناقل طلبة قجال خلفهم عن سالفهم أبيات شعرية قيل أنهاوجدت مكتوبة في كفن سيدي عبد الرحمن الأخضر.لاوهي كما يلي منقولة عن الأستاذ عبد المجيد حمادوش  الذي كتبها له الشيخ القريشي مدني (رحمه الله) بخط يده في كناشة خاصة :  
ويارب  فأكرمه بعفـوك    ليلـة       يروح  بها  ضيفا  لقبره  منـزلا
فأنت الذي أوجبت للضيف حرمة      وأكدت عليه بالمواساة عاجـلا
فهذا بضيف الخلق ،كيف بضيفـك      فأكرمه نزلا عند وقف الرواحلا
وحين انقضاض الناس للحي   راجعا      وبسط راح الكف للحد  عاجلا
بجـاه النبـي  الهـاشمـي  محمـد      عليه صلاة الـله  مني موصـلا
 وما زال أهل قجال إلى اليوم يتناقلون قصة طلبة الشيخ سيدي عبد الرحمن الأخضري الذين حملوا جثمان شيخهم على أكتافهم وتوجهوا به إلى موطنه بنطيوس بالقرب من بسكرة لدفنه هناك تنفيذا لوصيته . وعند وصولهم إلى الحامة أو بريكة على اختلاف في الرواية أصابهم إعياء شديد ، فطلب بعضهم بدفنه حيث وصل بهم المسير والرجوع إلى قجال فرفض الطلبة الذين كانوا يتميزون بحبهم الشديد لشيخهم وقرروا مواصلة الرحلة إلى نهايتها .فما الذي حدث بعد ذلك ؟ تقول القصة :أما الفريق الأول من الطلبة فقفلوا راجعين وأما الفريق الثاني فحملوا  الجثمان الطاهر وساروا فطوى الله تعالى لهم الأرض طيا حيث تمكنوا من تنفيذ وصية شيخهم ودفنه في بنطيوس ببسكرة والرجوع إلى قجال ؛ فكان وصولهم إليه قبل وصول الفريق الأول .     
وخلاصة القول: إن تردد الشيخ سيدي عبد الرحمن الأخضري علي زاوية قجال ،لم يكن لولا هذه العلاقة الروحية والعلمية التي كانت تربطه بالمكان وأهله مما يؤكد على المكانة الكبيرة التي كانت تحظى بها هذه القرية الصغيرة بحجمها، الكبيرة بقداستها الروحية والعلمية عند العلماء  وسائر من تعلم فيها أو زارها أو عرف أهلها. وفي الأمثال العامية  التي كثيرا ما تتردد على ألسنة أهل قجال ما يؤكد ذلك يقول المثل : "قجال ما يخلى والعلم مايخطيه"  ويعكس بعض الحاقدين المثل فيقولون  "قجال ما يخلى والذل ما يخطيه "
    




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق