الجمعة، 17 أبريل 2015

مجلة منبر قجال / العدد السابع










مجلة ثقافية تحت التجربة يصدرها الزبيرحمادوش 
اقرأ في هذالعدد :                        
 الشيخ محمد خلفي في رحاب الله.
في سبيل إحياء ذاكرة المكان :
بحضور الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله والسياسي المحنك

فرحات عباس أعلن عن افتتاح نادي الإرشاد بهذه البناية يوم 12فيفري 1936




 منبر قجال العدد السابع يناير/ جانفي 2013.















 
بسم الله الرحمن الرحيم
محتويات العدد السابع :
                     



بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة العدد :
        

سبع سنوات مرت منذ توقفت تجربة إصدار مجلة "منبر قجال" التي لم تكن في حقيقة الأمر إلا محاولة من طرف مجموعة من هواة القراءة والمطالعة لاقتحام عالم الكتابة والتدوين .
كنت أنا والإخوة محمد الفاضل ونور الدين خرشي ومراد مليزي كمشاركين أساسين .
 خضنا التجربة بصبر ومعاناة ، ولكنها استمرت لسنوات أصدرنا خلالها ستة أعداد . كان التطور النوعي فيها باديا لكل متتبع من حيث المواضيع المطروحة  التي تتناول قضايا فكرية وثقافية وتاريخية وسير بعض شيوخ زاوية قجال والعلماء الذين شرفوها بالتدريس والزيارة والتبرك كالشيخ الخضري والشيخ أبي القاسم الريغي والشيخ الصغير بن يوسف الحملاوي والشيخ الصديق حمادوش والشيخ المختار بن الشيخ وغيرهم .
لقد ارتبطت تلك التجربة الثقافية المتواضعة جدا بأمل كبير كنا ننتظره من خلال استئناف زاوية قجال لدورها في التعليم القرآني والإرشاد الديني والثقافي ونشر الوعي الحضاري في الأمة .
لقد انتظرنا ذلك الأمل طويلا ومنذ إقامة أول صلاة جمعة بالزاوية سنة 1981 وحال دون ذلك عقبات ومعوقات كثيرة ومتتالية مادية وإدارية، ولكنها  ورغم قساوتها لم تكن شيئا أمام ما نعاني منه نحن معشر المثقفين والمتعلمين في منطقتنا إن لم نقل في الجزائر كلها من سلبية وفقدان لروح المبادرة والاستسلام السريع لنزعة خبيثة لبعض النفوس المريضة التي تحاول أن تحطم كل عمل تشتم منه رائحة الثقافة والفكر والكتابة خاصة إذا بان لها أن العمل يتسم بروح الجد والمثابرة ويحمل في طياته بعض عوامل النجاح .
 لقد كانت مبادرتنا لإحياء الذكرى السادسة لوفاة الشيخ القريشي رحمه سنة 2006 التي حضرها العديد بل الكثير من الرعيل الأول من طلبة مدرسة قجال العتيدة وغاب عنها الذين كنا نعتبرهم كأنفسنا أو أكثر. ومنهم من كان من الناشطين في المسجد وأعضاء في لجنته - ولا داعي لذكر الأسماء- لقد تبع ذلك لغط كبير ومحاولات للتشويه والإدانة انتهت بإفشال تلك المحاولة التي كنا نود أن تغدو سنوية يلتقي من خلالها جلينا الذي تحمل مسئولية التربية التعليم في أول مدرسة جزائرية بعد الاستقلال،ليتمكن من خلال تلك اللقاءات السنوية من إعادة قراءة تجربته ونقدها ونقلها للأجيال القادمة . 
   أعود لأقول بعد مضي ست سنوات على توقف مجلة "منبر قجال" التي كان آخرها العدد السادس عزمت على محاولة استئناف تلك التجربة من خلال إصدار العدد السابع الذي يأتي بعد وفاة واحد من أهلنا ومن زاويتنا زاوية قجال إنه الشيخ محمد خلفي رحمه الله.
ويأتي هذا التزامن مع وفاة الشيخ محمد خلفي وإصدار العدد السابع من مجلة "منبر قجال " لاعتبارات عدة منها إحياء لذكرى هذا الرجل وتسجيل لبعض مآثره، خاصة وأن تشييعه إلى مثواه الأخير مر بصمت غريب . ما كان يليق بأهل قجال ولا بمقام هذا الرجل الذي يعرف أهل قجال أفضاله على الجميع . 
 وفي الأخير أشير إلى أن هذا العدد من المجلة  يأتي بجهد فردي آمل أن تتوسع المشاركة فيه من خلال العدد القادم الذي سأخصصه للذكرى المائة والعشرين لوفاة العلامة المجدد لزاوية قجال الشيخ الصديق حمادوش رحمه الله ( 1834-1893) . 
  الزبير حمادوش بن علي . 



الشيخ محمد خلفي في ذمة الله

الشيخ محمد خلفي رحمه الله(1914/2012)
الشيخ محمد خلفي الفقيه المجاهد في رحاب الله:                                                   بقلم الزبير حمادوش  .
                           اليوم (17/12/2012الموافق ل4/02/1434) غيب الموت عن عيوننا معلما من معالم بلدية قجال،وفقيها من مدرسة الشيخ المختار بن الشيخ بزاوية قجال،ومجاهدا من مجاهدي ثورة التحرير ومناضلا من مناضلي مرحلة البناء والتشييد الشيخ  محمد خلفي بن الشيخ بوزيد  بعد عمر مديد قرب من عشرة عقود قضى معظمها في خدمة الدين والوطن والناس .
وبهذه المناسبة الأليمة يشرف مجلة "منبر قجال"  – رغم توقفها منذ سنوات - أن تصدرعددا خاصا متواضعا تسجل فيه ما أمكنها  من أعمال هذا الرجل العظيم، وتعرف به وإن كان غنيا عن التعريف ،وتكشف عن جوانب من شخصه ، وتقدم له تحية تقدير وإجلال من كل الذين عرفوه.
لقد عرفنا الشيخ محمد خلفي رجلا بكل ما للجولة من معاني ومواقف وخصال حميدة ؛ ومن من أهل منطقتنا من لم يكن
 للشيخ محمد خلفي له عليه فضل،أو يد بيضاء أو تفريج كربة أو دفع كريهة .
رحم الله الشيخ محمد خلفي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وأتى أهله وأحباءه الصبر والسلوان وعوضهم خيرا آمين يارب العالمين.
الوالد الشيخ بوزيد:
               الشيخ محمد خلفي هو البقية الصالحة للشيخ بوزيد خلفي بن الأخضر بن النوي بن محمد وحسب رواية شفوية لعائلة خلفي أن الشيخ النوى هو أول من استوطن قجال قادما من الجنوب أو من الغرب الجزائري.
 وعائلة خلفي التي استوطنت قجال هي فرع  من فروع عائلة الخلف  الكبيرة التي تنتشر في العديد من مناطق الجزائر خاصة بالغرب الجزائري وكذلك المغرب الأقصى حيث ورد في كتاب  " سبيل النفع بتراجم من أخذنا عنهم الفاتحة برواية السبع " ص 23 ذكر زاوية سيدي الحبيب الخلفي من بني يخلف ، والأستاذ محمد الفقيه الزموري الخلفي . والله أعلم .   
أما الشيخ بوزيد خلفي فهو معلم القرآن بزاوية قجال الذي عاد إلى موطنه ومسقط رأسه بقجال  بعد الرحلة التي نقلته إلى بلاد القبائل من أجل حفظ القرآن وطلب العلم؛ عاد  بكل ما يملك من متاع وبهائم قاصدا صديقه وحبيبه الشيخ الطيب بن حمادوش بقجال.
لقد قرر الشيخ بوزيد بعد الخديعة التي تعرض لها من شيخه الذي حفظ على يده القرآن الكريم وأحبه وتعلق به ووثق به ،حتى إذا فاتحه في أمر زواجه وطلب منه أن يخطب له ابنة أحد سكان المنطقة. وبعد انتظار دام عدة أيام ، لاحظ أن شيخه لم يعد يرغب في استقباله. وراح يزجره كلما اقترب منه ليكلمه في شأن خطبة البنت. وأخيرا وبعد استفسار وبحث عن سبب تحول شيخه عنه، والغلظة التي أصبح يعامله بها علم أن الشيخ فعل فعلته القبيحة ونكث عهده وبدل أن يخطب له البنت التي رغب في الزواج منها خطبها لنفسه وتزوجها.
 لم تسع الأرض الشيخ بوزيد خلفي لهول الخديعة، وضاقت عليه الدنيا بما رحبت. كيف يخدعه معلمه، ومن وثق به ، واعتبره بمنزلة أبيه أو أكثر،
واستودعه أمانة أن يخطب له من اختارها زوجة له فإذا به يخدعه في تلك الأمانة، ويأخذها لنفسه.أي لؤم وأي مكر وأي خديعة أقبح من هذه ؟! .
استرجع الشيخ بوزيد ذاته واستغفر ربه ،بعد أن استذكر كثيرا من حوادث المكر والخديعة التي كانت تقع هنا وهناك وفي مناطق كثيرة ، فقرر أن يجعل نفسه وماله في خدمة القرآن الكريم وطلبته بزاوية بن حمادوش بقجال .
المولد والنشأة :
         استقر الشيخ بوزيد في موطنه، واشتغل معلما للقرآن الكريم بزاوية قجال. ثم تزوج وأكرمه الله بأول مولود ذكرا سماه على بركة الله محمدا ؛ فكان مولد الشيخ محمد خلفي سنة 1914.
ومرت السنوات وأمل الشيخ بوزيد يكبر في ابنه الوحيد محمد الذي التحق بالجامع رفقة ابن عمه بوجمعة خلفي بن الخلفة بن الاخضر؛ هذا الأخير الذي سيغدو في المستقبل أيقونة حفظة القرآن بالمنطقة لجمال صوته وحسن تجويده. يروي ابنه معمر خلفي أن أباه كان بصوته الجميل الخاشع يبكي كل من حوله أثناء التلاوة، وكان أهل "الفدوة" يطلبونه من كل مكان
 و من زملاء الشيخ محمد في الجامع الذين حفظوا القرآن على يد والده الشيخ بوزيد أبناء الشيخ الطيب حمادوش من أترابه عبد الرحمن والطاهر والشهيد عبد الحميد، وكثير من أبناء المنطقة .
كان حفظ القرآن ورسمه وإتقان تلاوته هي البوابة اللازمة للجلوس إلى دروس الفقه والنحو وغيره من العلوم الإسلامية. بين يد عالم كالشيخ المختار بن الشيخ الذي كان يدرس يومئذ بمسجد قجال .
الشيخ محمد خلفي فقيها : 
          ربما يجهل الكثير من أجيال الاستقلال أن "الشيخ محمد خلفي" وبعد سنوات عديدة من الدراسة في زاوية قجال وغيرها من الزوايا ومن خلال مجالسته للعديد من العلماء تمكن أن يكون فقيها متميزا له إلمام كبير بالفقه المالكي في العبادات والمعاملات وعلم الفرائض ولم يكن مقصرا في دراسة العقائد الأشعرية؛ حفظ مصنف السنوسية في العقائد.
وأثناء الجلوس معه في البيت المحاذي للمسجد العتيق بقجال. حيث كان يداوم على حضور صلاة الجمعة  فيسرد علينا نصوصا من عقائد السنوسية التي تتناول مسائل الصفات  ومتعلقاتها والقضاء والقدر خيره
وشره. وكان يقول لنا: أن خلاصة العقائد كلها في كلمة :أن تعلم أنه لا تأثير لشيء في شيء إلا بإذن الله تعالى .
  
ولقد لمست من خلال لقاءات وجلسات عديدة حظيت بها مع الشيخ محمد خلفي رحمه الله تعالى أنه كانت له رغبة شديدة في طلب العلم ومواصلة تعليمه. وكيف أنه حاول في حياة أبيه أن يسافر إلى جامعة الزيتونة بتونس لمواصلة الدراسة ولكن موت أبيه المفاجئ اضطره للعودة إلى موطنه ليتحمل مسؤولية العائلة من بعده  
ذكريات وأحداث :
 - يقول الشيخ محمد خلفي أنه تربي منذ صغره على حب الفقراء والمساكين والتقرب منهم ومساعدتهم وتقديم العون المادي والمعنوى لهم في السراء والضراء.
 ويقول أيضا أنه حفظ عن والده القول المأثور:"إن الناس هم عيال الله وخيرهم أنفعهم لعياله ".
ويروي أنه مازال يتذكر أحداث القحط والجفاف التي كانت تضرب الوطن من سنة إلى أخرى فيجوع الناس وتشتد حاجتهم إلى الطعام.فيقبلون على الشيخ الطيب بن حمادوش يأخذون حاجتهم مما تيسر من الدقيق والحبوب لسد الرمق وكسر الجوع .
يقول :كان الشيخ الطيب يأتينا إلى المعَمْرَة  (البيت الذي نقرأ فيه القرآن )  فيجد والدي الشيخ بوزيد منهمكا في الإملاء والتمحيص وتصحيح الألواح فيسلم عليه ويقول له  :"إطعام الطعام إطعام الطعام يا الشيخ بوزيد". فيدرك والدي أن الشيخ الطيب يريد أن يستأذنه ببعض الطلبة لمساعدته في إخراج حبوب القمح  من المطمور لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين. يقول الشيخ محمد: فكنا نتنافس على من يذهب للقيام بذلك العمل الخيري ويفوز بدعاء المحتاجين بالستر ومغفرة الذنوب .
فيرد والدي التحية للشيخ الطيب قائلا له : واجبنا أن نطعم الطعام ونعلم القرآن. ثم يأذن لبعضنا بمرافقة الشيخ الطيب والقيام بما يأمرنا به .
الشيخ محمد خلفي والمواسم الدينية :
           لقد كرس الشيخ محمد حياته للشأن العام أي لخدمة الناس وبخاصة الفقراء والمحتاجين، ويتجلى ذلك أكثر في المواسم والمناسبات والأعياد الدينية. فكان فقراء قجال ورأس الماء ،وغيرها من دواوير ومشاتي البلدية تصلهم الإعانات المالية والنفقات في مواسم عاشوراء والمولد وليلة القدر إلى بيوتهم.
وكان من نزاهته أن الصدقة التي لم تكن من ماله الخاص ينسبها إلى أصحابها فيقول هذا من مال فلان بن فلان.وكان الحاضر الكبير في هذه الصدقات صديقه الوفي:عمر الملقب " بعمر الشعير".
أما مساعده في توزيع الصدقات بقجال فكان النواري ذويبي بن القريشي .
وكان الشيخ محمد رحمه الله وصولا للرحم بارا بأحباء والده وأصدقائه؛ ففي ليلة القدر من كل عام كان يحمل نفقة خاصة لجدنا الشيخ عبد الرحمن حمادوش  فيزوره ويتناول الإفطار عنده ،مصداقا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم :"لا تقطع من كان يواصل أباك تطفئ بذلك نوره ، فإن وِدَّك وِدُّ أبيك .
مرحلة الثورة :
             شارك الشيخ محمد خلفي في ثورة التحرير الكبرى منذ سنواتها الأولى وكان أحد أبرز أعضاء لجنة قجال الثورية التي كانت تقوم بدور التنسيق بين تنظيمات الثورة  المختلفة وبين جماهير الشعب من أجل التموين والإمداد والتعبئة والتجنيد وما إلى ذلك من متطلبات الثورة.
وقد استشهد من أعضاء تلك اللجنة رجال عظام وسجن من سجن وتحمل من بقي منهم مسؤولية المحافظة على استمرار الثورة بفعل التواصل مع المواطنين . 
صرح الشيخ محمد خلفي أكثر من مرة  أنه بفضل الروح الوطنية والإخلاص للثورة انصهرنا جميعا مجاهدين ومواطنين في وحدة منقطعة النظير من أجل تحقيق أهداف الثورة التي تحققت كاملة يوم تحرر الوطن من استعمار غاشم دام مئة واثنين ثلاثين سنة .
ثم يقول : ورغم أعباء الثورة الكثيرة، والأخطار الجسيمة التي كان يتعرض لها الثوار بجميع تنظيماتهم من طرف العدو،إلا أن ذلك لم ينسنا أبدا رعاية أسر وعائلات وأبناء الشهداء والمجاهدين  فكانت الثورة تؤمن لهم ما أمكن من حاجاتهم من الغذاء والكساء والدواء خاصة في الأعياد والمواسم .
 وحرصا منا على أمن المواطنين كان يتم اختيار أماكن تواجد أو اجتماع  رجال الثورة بعيدا عن عيون العدو . ولست أذيع سرا إذا قلت أن الثورة كانت لها من الكفاءات الرجالية التي لعبت دورا كبيرا في تهريب السلاح من ثكنات العدو إلى المجاهدين ومنعت العدو من تنفيذ خططه التي كانت تهدف إلى تهديم قرى بكاملها خاصة بعد اكتشاف مخابئ للمجاهدين بها .
وفي شأن العلاقات الداخلية بين رجال الثورة بعضهم البعض ومع المواطنين يقول: كنا نعمل دائما على الحد من الخلافات ،وعلى تجاوز أحكام التخوين التي لا تستند إلى أي دليل، ويعلم الله كم كان يؤلمني ويحز في نفسي  بعض التصرفات الطائشة واللأخلاقية من طرف بعض المجاهدين في حق أعراض الناس .
مرحلة الاستقلال:
         أما بعد الاستقلال فتحمل الشيخ محمد خلفي مسؤولية بلدية قجال لفترتين على ما أذكر .
ولئن طوى النسيان محاولات الشيخ محمد خلفي الجادة لإصلاح أوضاع البلدية التي كانت يومئذ تشمل قجال وبن اذياب وأولاد صابر فإن فقراءها الذين كانوا يقطنون" القرابا والأكواخ "لا يمكنهم أن ينسوا أنه بني لهم بيوتا محترمة يأوون إليها .
ومن أجل تمكين المواطنين من سد حاجتهم من الماء .بادر الشيخ محمد خلفي بحفر العديد من الآبار في العديد من القرى والمداشر ومنها البئر التي حفرها في أرض جدنا الشيخ عبد الرحمن بأولاد صابر ومازالت إلى يوم الناس . 
أما عمال البلدية فلعل من بقي منهم على قيد الحياة ما زال يذكر مواقف الشيخ محمد خلفي في الدفاع عن العمال وإعطائهم حقوقهم كاملة من طرف الإدارة . ولو أدى به ذلك إلى تعريض نفسه للخطر ، كما حدث مرة في مواجهة عنيفة بينه وبين مسئول الدائرة الأول .  
  وكان للشيخ محمد خلفي دور بارز في التأسيس لمدرسة قجال الحرة سنة 1963. كما تحمل مسؤولية التسيير بنفس المدرسة لسنوات. وكدأبه دائما كان نصيرا لأولاد الفقراء الذين يرغبون في طلب العلم ولكنهم يعجزون عن دفع حقوق التسجيل بالمدرسة .فكم من مرة تدخل لصالح هؤلاء  لدى الإدارة وسجلهم مقابل مبالغ مالية بسيطة .
وفي سنوات السبعينيات أشرف على بناء أول مسجد ببلدة رأس الماء الذي حمل اسم " الإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه. وكان يحرص على مداومة الصلاة به ويؤم المصلين ويقدم  لهم دروسا في الفقه، وعينه على صيانة مرافق المسجد ونظافته لا تغفل أبدا. 
ولم يكن الشيخ محمد خلفي ليتخلف عن تقديم الدعم المادي والمعنوي للإصلاحات التي تمت بمسجد زاوية قجال سنة 1981. وسعد كثيرا بإحياء صلاة الجمعة بأقدم مسجد في المنطقة كلها.
وهنا لابد أسجل أنه عندما انقدحت في نفسي فكرة إحياء صلاة الجمعة بقجال وتشاورنا فيها مع العديد من الأهل والأصدقاء، كان الشيخ محمد خلفي من بينهم . ومازلت أذكر أني التقيته وقد خرج لتوه من مسجد الإمام  عبد الحميد بن باديس بسطيف بعد أدائه لنافلة الضحي، والشيخ محمد معروف بالمواظبة على النوافل. سألته عن رأيه في إقامة الجمعة بمسجد قجال، فقال لي على الفور. هذا إحياء جديد للمكان والعباد، ثم استدرك قائلا : وإن كان الأمر يحتاج إلى تفكير أعمق فيما بعد إقامة الجمعة فقد كان لقجال أدوار كبيرة في التاريخ البعيد والقريب؛ تصوف الشيخ ألأخضري وفقه جدك الشيخ الصديق الذي ورثه الشيخ المختار والأستاذ الشهيد عبد الحميد حمادوش .فمن لهذا الإرث من بعدهم ؟
- وقد برز موقف الشيخ محمد بقوة يوم أقدم أحد المواطنين بمساعدة رئيس البلدية في ذلك الوقت(سنوات الثمانينيات) على الاستيلاء على قطعة الأرض الواقعة قبالة المسجد وهي الساحة الوحيدة التي يطل منها المسجد على الطريق ليستغلها في بناء محطة لغسل السيارات أو شيء من هذا القبيل . واجتمع المواطنون لإعلان رفضهم لهذا المشروع وكان على رأسهم الشيخ محمد خلفي؛ وحضر صاحب المشروع بمساندة مسؤول البلدية الأول، ورفض كل اقتراحات نقل المشروع إلى جهة أخرى،وأمام إصرار شيخ البلدية على موقفه المساند لصاحب المشروع، رفع الشيخ محمد وجموع المواطنين الحاضرين أيديهم بالتضرع والدعاء على المشروع وصاحبه ومسانده. وما هي إلا أيام حتى جاء الخبر بعزل رئيس البلدية والحكم على صاحب المشروع بالسجن في قضايا أخرى لم يكن لها أي صلة بالمشروع .( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ).
 هل عاشوراء عيد ؟
         في أحد مواسم عاشوراء ،جاء الشيخ محمد إلى قجال كعادته فقام بزيارة المقبرة والدعاء للأموات ثم عرج على المسجد فصلى ما شاء الله له من نوافل الضحى. التقيت به بعد خروجه من المسجد فسلمت عليه وسألته عن يوم عاشوراء هل هو عيد كما يظن البعض أم هو يوم عبادة؟ فقال لي :يوم عاشوراء هو ليس بعيد ،وإنما موسم من مواسم العبادة وفعل الخير .وقد ورد في بعض كتب الفقه أن فيه عشر خصال الصيام، والصلاة ،والصدقة والتوسعة على العيال، وصلة الأرحام ،وزيارة عالم وعيادة مريض ،وزيارة المقابر والدعاء للأموات. ثم قال لي : انظر في مدونات شروح خليل فستجد ما يجيبك عن سؤالك.
لم يكن لدي يومها من كتب الفقه المالكي سوى الخلاصة الفقهية والرسالة لأبي زيد القيرواني .وقد أكرمني الله تعالى بعد ذلك باقتناء كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل من تأليف عبد الله بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب  .
وكانت مسألة عاشوراء هي أول موضوع رحت أبحث عنه ، فقد كان يوم عاشوراء يومئذ يثير جدلا كبيرا خاصة بعد ما أصبحنا نتابع على شاشات التليفزيون إحياء الشيعة ليوم عاشوراء الذي وقعت فيه مذبحة  كربلاء في حق آل البيت.فلأول مرة يعرف الناس أن مقتل الحسين وقع يوم عاشوراء. ورغم أن الكثير منا لم يكن يتفاعل مع الطريقة التي يحي بها الشيعة ذكرى كربلاء إلا أن السؤال الذي كانت الذكرى تطرحه علينا كيف يقبل المسلمون بجميع مذاهبهم واتجاهاتهم أن يتخذوا يوم مقتل الحسين سبط رسول الله  وحِبَّه وثاني سيدي شباب الجنة  عيدا يذبحون فيه الدجاج والديوك الرومية ويتزينون، ويعلنون الأفراح في المدن والقرى ؟ولماذا لا يتحدث أئمتنا وعلماؤنا وقنواتنا الفضائية عن مقتل الحسين وهو من هو؟.
وكان ما جاء في كتاب مواهب الجليل  مطابقا لما قاله لي الشيخ محمد خلفي . فذكر الخصال العشر التي ينبغي على المؤمن أن يقوم بها في يوم عاشوراء .و صاغها بعضهم في ثلاث أبيات من الشعر هي:
في يوم عاشوراء عشر يتصل        
                              بها اثنان لها فضل نقـــــل
صم صَل صِل زر عالما عُد واكتحل 
                           رأس اليتيم امسح تصدق واغتسل
وسع على العيال قلم ظفرا
                             وسورة الإخلاص ألفا تقــــــرا .
ثم أورد الشارح مختلف أراء العلماء في هذه الخصال فمنهم من لم يثبت عنده إلا الصيام ، ومنهم من ثبت عنده الصيام والتوسعة على العيال ، أما باقي الخصال فهي مما أمر به الشارع في كل وقت ولا تختص بزمن عاشوراء. ماعدا الاكتحال الذي روى فيه الحاكم والبيهقي عن ابن عباس مرفوعا " من اكتحل يوم عاشوراء بالإثمد لم ترمد عينه أبدا " فقال ابن حجر:هو موضوع أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال الحاكم : والاكتحال يوم عاشوراء لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه أثر وهو بدعة ابتدعها قتلة الحسين رضي الله تعالى عنه.
وقد أسهب المؤلف في الحديث عن إحياء عاشوراء وأورد أقوال العلماء فيما ابتدعه الناس من الذبائح والطبخ ومظاهر الزينة. ومما قاله :"وأما ما يفعلونه اليوم من أن عاشوراء يختص بذبح الدجاج وغيرها وطبخ الحبوب وغيره فلم يكن السلف يتعرضون في هذه المواسم ولا يعرفون تعظيمها إلا بكثرة العبادة والصدقة والخير لا في المأكول .
 ومن هنا نتبين أن أهل السنة لم يتخذوا من يوم عاشوراء عيدا واكتفوا بما ثبت لديهم من شعائر تعبدية وأعمال خيرية .أما الذين اتخذوه عيدا فهم قتلة الحسين رضي الله تعالى عنه واتبعهم في ذلك بعض الجهلة من عامة المسلمين .
وإذا كان أهل السنة قد سكتوا عن الحديث عن مقتل الحسين يوم عاشوراء. فلم يرد له ذكر  في أحاديثهم وخطبهم ومواعظهم يوم عاشوراء، فذلك في اعتقادي راجع للسياسة التي كرستها السلطة الأموية والعباسية والعثمانية وحتى سلطات الإستبداد في زمننا من اعتبار موقف الحسين من رفضه لخلافة يزيد خروجا عن السلطة المركزية التي ظلت تعتبره تمردا ومروقا وإثارة للفتنة ، وجاراها في ذلك فقهاء وعلماء وضعوا أحاديث وأولوا آيات قرآنية تكرس الخضوع للسلطان ولو كان ظالما حتى قال قائلهم أن الحسين  قتل بسيف جده. ونسى أو تناسى هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.
بين الشيخ القريشي مدني والشيخ محمد خلفي:
           أثناء مرض الشيخ القريشي مدني الذي توفي فيه زرته في بيته في حي " الراس يدور"قرب مسجد أنس بن مالك ،فسألني عن أخبار قجال والأهل، وعن الشيخ محمد خلفي،وهل مازال يصلي الجمعة بقجال ؟ فأكدت له أنه مازال يواظب على حضور الجمعة بقجال، ونتجاذب معه أطراف الحديث في مسائل الفقه والتفسير والعقائد.
فقاطعني الشيخ القريشي قائلا :لا تنس أن الشيخ محمد خلفي فقيه متمكن في فقه العبادات والمعاملات وخاصة في علم الفرائض ،وله إلمام واسع بالمذاهب السنية كالمذهب الشافعي  كما له  مطالعات في التفسير .
ويواصل الشيخ القريشي الحديث عما كان  بينه وبين الشيخ محمد فيقول : وقد دارت بيننا نقاشات في مسائل فقهية عديدة وكان يسأل أكثر مما يجب، وكنت أكتشف سعة معارفه الفقهية من خلال أسئلته المتميزة التي لا يطرحها إلا خبير. ثم قال لي :عندما تلتقي به سلم عليه وقل له إ إن الشيخ القريشي يطلب منك حل هذه المسألة في الفرائض، فقد استعصى علي حلها. وسلم لي ورقة كتب عليها السؤال الذي صيغ في أبيات شعرية وعلى وجهه ابتسامة مريبة ،لم أدرك رسالتها حينئذ :
  قاضي المسلمين،انظر لحالي                                              
                                وافتني بالصحيح،واسمع مقالي .
  مات زوجي وهمَّني فقد بعلي                                              
                                كيف حال النساء بعد الرجال ؟
 صيَّر الله  في حشاي جنينا                                                                 
                               لا حراما. بل من وطء حلال .
 فلي النصف إن أتيت بأنثى                                                  
                              ولي الثمن إن يكن من  رجال .
  ولي الكل إن أتيت بميْتٍ                                                     
                              هذه  قصتي  ففسر  سؤالي .
وفي يوم الجمعة جاء الشيخ محمد خلفي كعادته ،فسلمت عليه، وقلت له : إن الشيخ القريشي يسلم عليك.  فسألني عن حاله. فقلت له : الشيخ القريشي رغم الضعف الشديد الذي بدا على جسمه من جراء المرض الذي يعاني منه إلا أنه لم يفقد من حيويته الفكرية ونشاطه الذهني شيئا؛ فما زال يقرأ ويبحث ،ويُسأل فيجيب عن مختلف الأسئلة التي يطرحها عليه الطلبة والأئمة والزوار في اللغة والنحو والفقه. ثم قلت له :وقد بعث لك بمسألة في الفرائض وطلب منك مساعدته في حلها . فلم يمهلني الشيخ محمد حتى أسلمه ورقة السؤال. ونهض مغادرا وقال لي :أنا أعرف الشيخ القريشي وأسئلته وما وراءها . وتركني وذهب إلى المسجد. ساعتها تذكرت ابتسامة الشيخ القريشي المريبة حين سلمني ورقة السؤال .
وقد فهمت بعد ذلك أن الشيخ محمد خلفي يأنف من الأسئلة التي يحس أو يتصور أنها أسئلة استفزازية . والشيخ القريشي كان يعرف عنه ذلك ،ولم يكن قصد السؤال سوى الممازحة .
التزام بالمذهب المالكي :
           وكان الشيخ محمد رحمه الله شديد الالتزام بالمذهب المالكي لاحظ عليه ذلك كل الذين عاشروه لمدة أو رافقوه في سفر عمل أو عبادة كالحج أو أثناء توزيع الزكاة .
 ومما أذكر له في هذا الشأن موقفه الرافض لجمع أموال الزكاة لصالح المساجد أي كانت ؛ فبناء على المذهب المالكي الذي يرى أنه لا يجوز صرف الزكاة لبناء المساجد لأنها لا تدخل في الأصناف الثمانية المنصوص عليها في الآية (60) من سورة التوبة . وكنت سألته يومها :ألا تعني" في سبيل الله" كل أعمال البر ومنها بناء المساجد. فقال: "في سبيل الله" لا تعني إلا شيئا واحدا هو صرف أموال الزكاة في الغزو أو الجهاد والمجاهدين في سبيل الله هذا ما نص عليه فقهاء المالكية في مدوناتهم.
فقلت له: إن هذه المسألة طرحت على عهد الشهيد الشيخ عبد الحميد حمادوش عندما بادر بجمع زكاة الحبوب أو ما يسمى بالعشور من أجل تجديد المسجد سنة 1952 من القرن الماضي،فواجهه بعض الشيوخ بعدم جواز صرف أموال الزكاة في بناء المساجد لما في ذلك من تضييع لحق الفقراء والمساكين  وروجوا لفتواهم في أوساط الفلاحين .
فرد عليهم الشهيد بأن جمع أعيان المنطقة ووجهاءها وفقهاءها في المسجد ليؤكد لهم أن من العلماء الكبار من أجاز صرف أموال الزكاة في بناء المساجد وغير ها من سبل الخير ومن هؤلاء العلماء صاحب التفسير الكبير الإمام فخر الدين الرازي الذي أورد في تفسيره رأي المفسرين ومالك والشافعي وغيرهم من الأئمة على أن "في سبيل الله " تعني الغزاة في سبيل الله ،ورد عليهم بقوله :"واعلم أن ظاهر اللفظ في قوله: " وفي سبيل الله" لا يوجب القصر على  الغزاة ،فلهذا المعنى نقل القفال في تفسيره عن بعض الفقهاء أنهم أجازوا صرف الصدقات إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى، وبناء الحصون وعمارة المساجد لأن قوله "وفي سبيل الله" عام في الكل .انتهى كلام فخر الرازي .
ورغم أن الشيخ محمد خلفي لم يغير قناعته الفقهية ولكنه لم يحاول أبدا أن يثنينا عن المسعى الذي كنا بصدده وهو جمع أموال الزكاة لصالح أعادة بناء المسجد آنذاك .
حديثه عن أستاذه الشيخ المختار بن الشيخ :
          كان الشيخ محمد خلفي شديد التعلق بأستاذه ومعلمه ومربيه الشيخ المختار بن الشيخ ؛ يرى فيه العالم القدوة الذي يترك أثره في مريديه وتلاميذه وفي الناس من خلال السلوك الأخلاقي المنضبط والموقف الصريح وصدق الكلمة والوفاء بالوعد والعهد ومسئولية العمل .
كان الشيخ المختار – كما يروي الشيخ محمد خلفي – عالما متمكنا بالغ الحجة إذا أفتى، جريئا لا يخشى في الله لومة لائم ،وكان يراسل العلماء ومنهم جمعية العلماء المسلمين في كل القضايا الفقهية التي تطرح ،أو يفتي بها المفتون ،ويعلن عن رأيه في اللقاءات التي تجمعه بالعلماء أو في الجرائد مثل جريدة النجاح التي راسلها الشيخ في العديد من المرات وكان الشيخ محمد يحفظ هذه الرسائل عن ظاهر قلب وقد سمعت منه إحداها وكانت تتعلق برأي الشيخ المختار في إقامة صلاة الجمعة في المصليات والساحات العامة وهي أماكن لا تتوفر فيها شروط إقامة صلاة الجمعة  المبسوطة بالتفصيل في المدونات الفقهية لأئمة المذهب المالكي .  
يواصل الشيخ محمد خلفي  حديثه عن أستاذه الشيخ المختار بن الشيخ بقوله:  وكان تقيا ورعا  كثير الصمت والتأمل . يمشى هونا وعليه وقار عظيم وهيبة تلزم من حوله إظهار الاحترام وتقديم التحية له . وكان يحافظ على الوضوء ولا يركب حصانه حتى يجدد وضوءه ويقول إن في الوضوء حصانة للراكب والمركوب .
الشيخ محمد خلفي خلاصة أجيال ثلاثة:
           وفي الأخير لابد أن أؤكد على قناعتي : أن الشيخ محمد خلفي كان من نعم الرجال الذين عرفتهم وجالستهم وكان يتمتع بذكاء حاد ودماثة خلق وأدب رفيع ،شديد التواضع عفيف اللسان فلم أسمع منه يوما كلمة نابية أو فيها فحش أو إساءة لأحد. وكان رجلا عمليا يؤمن بالعمل والوفاء بالوعد وصلابة الموقف .
إن الشيخ محمد خلفي هو خلاصة عدة أجيال ؛جيل أهل القرآن والفقه من الذين كان لهم الدور الكبير في الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية للشعب الجزائري أثناء الفترة الاستعمارية من خلال ما كانت تقوم به الزوايا من التعليم القرآني ونشر الثقافة الفقهية التي كانت ومازالت تمثل الحصن المنيع الذي تحطمت دونه كل محاولات الغزاة الجبابرة والاستعماريين للنيل من أمتنا ومحاولة تحطيمها أو إبادتها أو مسخها .
وهو ثانيا من جيل الثورة الكبرى التي حققت الاستقلال الوطني؛ وهو الجيل الذي لا يمكن الوفاء بحقه إلا من خلال تحقيق الأهداف الكبرى التي ضحى من أجلها الشهداء والمجاهدون وهي الارتفاع بالجزائر إلى مصاف الدول المتقدمة  والسير بها قدما نحو قيادة العالم العربي وشمال إفريقيا لتكون القطب الرائد في عالم متعدد الأقطاب كيف تحجم الجزائر عن هذا وهي من هي ؟! وهي أم الشهداء ،وأي بلد كان يعد شهداءه بالملايين قبل الجزائر ؟ فكيف يمكن لهذه الجزائر العظيمة أن تنكفئ على ذاتها في زمن صدرت فيه الشعوب والأمم أشتاتا ومن كل القارات تبين عن عبقريتها وإبداعاتها وإنجازاتها في كل مجالات الحضارة والعلم والمعرفة والتكنولوجيا والطب والفضاء والمستقبل .
 وهو ثالثا من الجيل الذي حكم البلاد بعد الاستقلال أثناء فترة الستينيات والسبعينيات؛ هذا الجيل الذي نستطيع أن نقول انه لم يوفق كل التوفيق في الشعار الذي رفعه وهو بناء دولة لا تزول بزوال الرجال ،فقد كادت الجزائر أن تسقط أثناء عشرية نهاية القرن العشرين لولا أن تداركتها عناية الله أولا ووحدة الشعب الجزائري التي كرستها ثورة التحرير وتماسك مؤسسة الجيش الوطني الشعبي .
كما نستطيع أن نقول أن جيل الشيخ محمد خلفي لم يوفق في شعارات التنمية التي رفعها خاصة في الإصلاح الزراعي وبناء الاقتصاد رغم الجهود الكبيرة والأموال الطائلة التي بذلت في مجالات الدعم الفلاحي والتصنيع التي  ذهبت كلها أدراج الرياح ولم يبق منها شيء يذكر.
ولكن ورغم هذا النقد وكل النقد الذي وجه إلى الجيل الذي حكم البلاد في عهد بومدين رحمه الله ومنهم الشيخ محمد خلفي إلا أنه يبقى جيلا صادقا نظيفا اليد حكم البلاد بإخلاص وبقدر ما أوتي من جهد،ولم يتوان في خدمة الشعب ولم يفرق بين طبقاته ولم يسمح لذوي النفوذ المفسدين أن يتلاعبوا بأموال الأمة وثوراتها التي عمل جهده  لتكون في خدمة كل الجزائريين في التعليم وفي الاقتصاد وفي الصحة والسكن وفرص العمل .
أين مسئولو اليوم من مسؤولي ذلك الجيل جيل الشيخ محمد خلفي ؟!
 كان الشيخ محمد خلفي رحمه الله يأنف من ركوب سيارة البلدية حتى في مهمات العمل الرسمية ،ويفضل أن يطلب من المواطنين نقله إلى ورشات العمل بسياراتهم الخاصة ، بينما مسئولو اليوم لا يكاد أحدهم ينزلمن سيارة البلدية حتى يستقلها من جديد، ويستعملها لقضاء حاجاته أكثر من استعمالها في الشأن العام .
كانت المسئولية عند الشيخ محمد خلفي تكليف وأمانة ثقيلة الحمل  بينما هي عند أجيال اليوم مغنم وفرصة للثراء والخروج النهائي من دائرة الفقر والحاجة .    
رحم الله الشيخ محمد خلفي رحمة واسعة وجزاه عنا خير الجزاء.وبارك الله تعالى في أولاده الأستاذ بوزيد والأستاذ الطيب والدكتور الطبيب عبد الرحمن.وأصغر أولاده الميلود وجعل منهم خير خلف لخير سلف .    



في سبيل إحياء ذاكرة المكان
"إنكم مسئولون حتى الأماكن والبهائم "
نهج البلاغة .
             مسؤولية الإنسان عن الأماكن سواء كانت ذات أبعاد دينية مقدسة  أو أبعاد تاريخية أثرية أو ثقافية أو سياسية مازالت تؤكد عليها رسالات السماء كما يؤكد عليها العلماء والمؤرخون ورجال الفكر والسياسة والمؤسسات والهيئات الوطنية والدولية التي تهتم بالآثار وتثمن كل مجهود يخدم هذا الإرث البشري الرائع والزاخر الذي يختزن ذاكرة الشعوب وحضارتها وأفكارها وعاداتها وسياساتها وأعمالها بل إن القرآن يؤكد في العديد من الآيات التي يسوقها لأولي النهى الذين يعقلون ويفكرون ويدرسون على أن الآثار هي الشاهد الأكبر على الوجود الإنساني وعلى أعمال الإنسان ويدعو إلى المحافظة عليها ودراستها والنظر فيها ومحاولة القيام بعملية استحياء لتجارب تلك الأمم والشعوب وكيف كانت  تفكر وتتعلم وتعمل وتصنع وتحكم وتحارب وأسباب قيامها كدول وأمم  وحضارات ومدنيات وأسباب سقوطها وفنائها .كل ذلك من خلال عمليات البحث والحفر والتنقيب عن الآثار في مواقع التواجد البشري.
من هنا جاءت الفكرة لأخذ صور لبعض الأماكن في مدينة سطيف التي مازالت  تحتفظ ببعض الذكرى للحركة الوطنية وجمعية العلماء المسلمين والجمعيات الخيرية التي كان لها دور كبير في نشر الوعي الثقافي والديني والسياسي وإيقاظ الحس الوطني والثوري لدى الجزائريين في النصف الأول من القرن العشرين.الأمر الذي هيأ بقوة لثورة التحرير في أول نوفمبر 1954م.      
إن هذه الأماكن التي سوف نتحدث عنها  وإن كانت مازالت أحداثها حديثة قربية العهد ،فلم تدخل بعد في دائرة الآثار.فالكتابة عليها وتسجيل ما أمكن من الوقائع والأحداث التي ارتبطت به والشخوص التي صنعتها تغدو الحاجة إليها  ضرورية وواجبة خاصة في ظل هيمنة ثقافة النسيان بدل التذكر وثقافة المحو بدل التسجيل هذا إذا لم نقل ثقافة الهدم بدل البناء والقتل بدل الإحياء انظر إلينا كيف أصبحنا نتعامل مع الآثار؟ كيف نحاول هدم تماثيل عظمائنا وهدم أضرحة شيوخنا وأوليائنا ؟.
في الجزائر أثناء التسعينيات كان تمثال الأمير بالجزائر مشروعا للهدم واليوم وفي ظل حكم الإخوان بمصر تم قطع رأس تمثال طه حسين وتمثال أم كلثوم بمصر وتمثال المعري بسورية والقائمة مفتوحة على كل التماثيل في العالم العربي والإسلامي أما في الحجاز حيث دولة آل سعود فقد هدمت الوهابية كل الآثار حتى فكروا في هدم ضريح الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. نشرت جريدة الأخبار اللبنانية في عددها الصادر بتاريخ 22/12/2012 أن مكة وحدها خسرت 95ٍ% من تراثها ومعالمها الأثرية بحسب " مركز الخليج للدراسات " أما في المدينة فالخطب كارثي ؛ فأين معالم تلك  المدينة التي شهدت ولادة دولة الإسلام وحضارته؟ أين آثر الأوليين ومساكن الصحب الكرام ؟ أين موقع السقيفة التي شهدت ولادة الدولة الثانية في الإسلام دولة الخلفاء الراشدين بعد دولة النبوة .أين مقبرة البقيع التي يقال أنها تضم رفات أكثر من سبعين ألف صحابي ؟.
مع الأسف فإن ما يفعله كثير من المسلمين من إهمال  بل وتدمير لآثارهم سواء كان عن قصد أو غير قصد في أوطانهم خاصة وفي البقاع المقدسة كمكة والمدينة لا يقل عما يفعله الكيان الصهيوني بآثار المسلمين في القدس وفلسطين .
إن إهمال الأماكن أو البنايات وحتى الحجارة والأواني والأدوات والقطع النقدية  ذات الطابع التاريخي مهما كان انتماؤها لا ينبغي أن يكون. لأنك وأنت تحافظ على هذا الأثر التاريخي سواء  كان ماديا أو معنويا فإنما تحافظ على تاريخك في حالة القوة أو في حالة الضعف  فهو شاهد لك أو عليك ؛ هو شاهد لك إذا كان أثرا من آثار حضارتك وتاريخك وأمجادك . أما إذا كان أثر لحضارة أخرى أو أثرا لعدوك الذي اعتدي عليك يوما فما أحوجك أن تحافظ عليه حتى لا تنسى أنه استعمرك وانه حاول إبادتك وإنه يمكن أن يعيد الكرة إذا استطاع كما أنه من خلال المحافظة على هذا الأثر التاريخي تتمكن الأجيال التي بعدك من قراءة تجربتك في الحياة وما اكتنفها من ذكريات جملية وزاهية وأخرى مؤلمة ومحزنة.
كثيرة هي الأماكن التي كان يمكن أن تتحول إلى متاحف واقعية تحمل لأجيال المستقبل شهادة حية  على جرائم فرنسا في الجزائر. ولكن مع الأسف هدمتها يد الجهل بالتاريخ والذاكرة؛ أذكر في هذا الشأن الثكنة العسكرية الاستعمارية في بلدة" راس الماء" التي كانت تسمى "برقنوس " فكم شهدت تلك الثكنة المشئومة من جرائم ارتكبها عساكر" اليوطنة بونواظر" في حق المواطنين، وكم من آلام وصرخات وتوجعات وآهات لمواطنين عزل أُخذوا من بيوتهم ليلا وعلى حين غرة لتسلط عليهم كل صنوف العذاب .
أما الثكنة العسكرية الاستعمارية في مدينة سطيف التي حولها "خليفة بن جديد" إلى حديقة للتسلية سنوات الثمانينيات فما زلت أتذكر يوم زرناها لأول مرة إبان الاستقلال. تلك المشاهد المروعة لآثار الدماء التي التصقت على جدران غرف التعذيب  وأدوات التعذيب المختلفة الأصناف
لقد كان يمكن المحافظة عليها لتكون شهادة حية على جرائم فرنسا الاستعمارية يشاهدها أبناؤنا وأحفادنا جيلا بعد جيل.
ماذا لو عاد الشهداء هذا الأسبوع على حد تعبير روائينا الكبير الطاهر وطار رحمه الله . وسألوا أين آثارنا التي كتبناها بعذاباتنا وآلامنا وبدمائنا وصرخاتنا وتكسير عظامنا أين هي ؟.
على كل حال ما فات قد فات وجاء اليوم وقد التفت مسئولو الثقافة في بلادنا إلى الاهتمام بالآثار،فشيدت المتاحف وأقيمت المهرجانات السنوية في كل مدينة من أجل نشر الوعي بأهمية الآثار والبحث عنها والمحافظة عليها ،فإن ما ينبغي التنبيه إليه في شأن الآثار عموما هو خطر الدعوات الوهابية السلفية  التي ترى أن أي اهتمام بالآثار خاصة ما كان منها ماديا كالأبنية والأماكن والتماثيل التي تخلد شهداءنا وعظماءنا هو شرك ينبغي محاربته ، وإزالة كل آثاره من على وجه الأرض.
إن المواجهة هنا تفرض التفكير العميق في حل مشكلتنا الكبرى مع مفاهيم تراثية دينية وثقافية واجتماعية وحتى لغوية ينبغي أن يعاد صياغتها  مثلا  قضية الشرك الذي مازال الوهابيون والسلفيون  يتحدثون عنه وكأننا مازلنا نعيش جاهلية العرب الأولي  وكأن الشرك مازال حيا في أفكارنا وثقافتنا وسلوكياتنا وعباداتنا مع أنه في حقيقة الأمر لم يعد للشرك وجود منذ بسط التوحيد فكرته في عقول وأفكار ومشاعر ووجدان وسلوكيات وأخلاقيات المسلمين وفي كل مناحي حياتهم
فالشرك عند العرب قبل الإسلام كان نظام حياة متكاملا في ثقافتهم وشعرهم الذي كان يعبر عن فلسفتهم في الحياة وكل طقوسهم وعاداتهم وتقاليدهم وتجارتهم ولذلك كان رفضهم لكلمة التوحيد " لا إله إلا الله " بتلك الحدة والشراسة والعنف،واستعمال كل وسائل الحرب لأنه استهدف تقويض أركان الشرك من  جذوره في العقول  والمشاعر وحياة العرب بكل تفاصيلها بل العالم كله وقد فعل و أزال كل ما له صلة بالشرك من أفكار ومعاني ومفاهيم وصيغ لغوية ودلالات وإيحاءات ورموز.وقد أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك في حجة الوداع حين قال :" إن الشيطان قد يئس من أن يبعد في بلدكم هذا ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحتقرون من أعمالكم .." فالشيطان لم يعد له بعد الإسلام من تواجد أو نفوذ أو سلطة على عقول المسلمين وإيمانهم وعقائدهم ولم يبق له إلا أن يوسوس في الصلاة أو يسوِّف لبعض الغافلين أعمالهم .
 فهل بعد هذا يبقى لمسلم أن يتهم مسلما - نطق بكلمة التوحيد التي تنفي كلمة الشرك كله والكفر كله- أن يتهمه بالشرك بمجرد أن وقف عند ضريح الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أو قبر صحابي جليل أو عالم  أو رجل صالح يعتبر أو يدعو أو يستعرض سيرته .أو يتمنى أن يراه من خلال رؤية منامية يحدثه فيها أو يرشده إلى طريقة تفرج عنه كربة من الكرب أو ينصحه أو يحل له مشكلة نحوية أو لغوية كما يروى قدماؤنا في بعض رؤاهم .
أعتقد أنه لابد من مراجعة شاملة لموقفنا من الآثار. ولابد لمناهج التربية المدرسية أن تعتني بهذا الجانب فنربي أبنائنا منذ صغرهم على تثمين الآثار والمحافظة عليها من خلال تعويدهم منذ صغرهم على المحافظة  على أشيائهم على صورهم على كراريسهم الأولى على انتاجاتهم الكتابية والفكرية منذ سنواتهم الأولى وحتى تخرجهم.التي ستغدو بعد ذهاب العمر من أجمل الآثار والذكريات .
   
  



 نادي الإرشاد بمدينة سطيف
 


صور للبناية التي كان بها نادي الإرشاد

انظر إلى هذه الصورة كلنا نعرف هذه البناية نمر عليها مصبحين وممسين  هي تقع في شارع الثامن من ماي 1945 بالقرب من ثانوية محمد قيرواني ويقابلها بنك القرض الفلاحي، ونادي الضباط .
كان الطابق الأرضي لهذه البناية فيما مضى عبارة عن مقهى تسمى مقهى النادي .
وربما لا يدري الكثير من الناس أن سر إطلاق اسم النادي يعود إلى الثلاثينيات من القرن الماضي وبالضبط يوم الاثنين 21فيفري 1936الموافق ل28 ذي القعدة 1354هـ  حيث نشرت جريدة البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين في عددها الثامن من سنتها الأولى في صفحتها السابعة خبرا ننقل لكم فيما يلي صورته ونصه لمن أراد أن يطلع أو يقرأ تفاصيل حفل افتتاح نادي الإرشاد من أجل استعادة ذاكرة كانت يوما تغشل الساحة الثقافية في الجزائر وفي سطيف خاصة من خلال رجال وشخصيات وعلماء وساسة ، ويكفينا شرفا أن نتمثل حضور الشيخ الإمام عبد الحميد بن باديس وإشرافه شخصيا على افتتاح هذا النادي المسمى نادي الإرشاد . كما يمكن للقراء أن يتعرفوا على الأعضاء الناشطين في جمعية النادي والقائمين على شؤونها .

صورة للخبر الذي نشرته جريدة البصائر.

افتتاح نادي الإرشاد ببلدة سطيف:
جاءنا من مراسلينا الخاص بسطيف،أنه منذ تأسست بها[الجمعية الخيرية] فجمعية [ السعادة ] لإحياء فن التمثيل العربي سعى رجال الجد والعمل في تأسيس [جمعية الإرشاد ] للأخذ بيد الأمة إلى ما فيه صلاحها ،وقد بدأت أعمالها بتأسيس ناد ليكون مركزا لحركتها وجلبت له محاضرا هو الشيخ
[ عمر البسكري] وفي يوم الأحد الماضي كان الافتتاح الرسمي لهذا النادي بمهرجان عظيم لم تر البلاد نظيره حيث استدعى رجال النادي [نادي الإرشاد] زعماء الأمة وممثليها من علماء ونواب وأعيان.
كما استدعوا رجال الحكومة بتلك الناحية فلبى الدعوة من حضر منهم واعتذر من تخلف عن الحضور.
وكان من الذين حضروا حفلة الافتتاح الشيخ (عبد الحميد بن باديس) رئيس جمعية العلماء المسلمين وبمعيته تلميذاه الفاضلان الشيخ
(الفضيل الورثلاني) والشيخ (يونس)وحضر معهم الشيخ(أبوصالح) الإمام والمدرس ببلدة شاطودان( شلغوم العيد) وحضر من رجال الحكومة الجنرال ورئيس جمعية شباب التجنيد والسيد( ماصلو) شيخ بلدية سطيف ونائباه الأول والثاني،وشيخ بلدية ( الشعيبة) وشيخ مدينة ( اوريسية) ومدير الكلية الفرنساوية وغيرهم .
وقد خرج أهل البلدة في عدد يربو على الأربعة آلاف إلى ضواحي المدينة لمقابلة الأضياف الواردين من الخارج والوفود الكريمة .
وكان استقبال ومشهد يبعث في النفوس الغبطة والسرور ويملأ العيون بالبهجة والحبور،وتناول المدعوون طعام الفطور عند كل من السيد الحكيم بومعزة علي،والسيد فرحات عباس الصيدلي النائب المحبوب،والسيد عيسى العطار.
وعلى الساعة الثالثة اكتظت قاعة النادي وساحته ورحابه بالوافدين لحضور حفلة الافتتاح ،وما فرغوا من تناول الشاي وما لذ من الحلويات والمرطبات حتى قام رئيس النادي السيد فرحات عباس وألقى خطابا رحب فيه بالحاضرين وأثني على السادة الوافدين من الخارج والملبين للدعوة على الخصوص.
وبعده قام الأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس فألقى خطابا يكفي في وصفه أن نقول أنه خطاب ابن باديس.. وعلى إثره قام السيد ما صلو رئيس بلدة سطيف  فألقى خطابا كان له الوقع الحسن في نفوس الجميع .
وعلى الساعة الخامسة انفض الجمع لتأدية صلاة المغرب على نية العودة على الساعة الثامنة ونصف ،وفي هذه الفسحة تناول الوافدون طعام العشاء عند كل من السادة:(امعيزة ، وعباس ، وعيسى بن العطار، وبن روبة القائد سليمان) وفي الوقت المعين رجع الكل إلى النادي وعلا منصة الخطابة الأستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس وإلى جنبه محاضر النادي الشيخ عمر البسكري الذي ألقى محاضرته المعتادة ،وبعد تمامها عقب عليها الأستاذ باديس بكلمات ذهبية قيمة كان لها أعظم تأثير في نفوس السامعين، ثم ألقى السيد صالحي السعيد قصيدة مطلعها :
         على بركات الله سيروا وشمروا
                                   فهذي تباشير الصباح فبشروا .
وتلاه الشيخ السعيد العبدلاوي بخطبة ، والسيد علي بن شينون بخطبة أخرى. وانفض عقد الاجتماع والكل فرح مسرور حامد لله شاكر على ما هيأ ويسر من الأعمال الصالحة على يد رجال العمل والإخلاص .
أما أعضاء إدارة النادي فهم السادة :
 

عباس فرحات                             رئيس
مصطفاي الهادي                          نائب أول
قاسمي مصطفى                        نائب ثاني
عبد الرحمن بن الخوجة              أمين مال
الفضلي الحسين                        نائبه
علواش الحسين                       مراقب وكاتب عام
ابن سمره                              نائب الكاتب .
صالحي لخضر، وبن التهامي التهامي ، محدادي التومي ، وشن النايلي ،الأمين  العماري، فرفور خليفة ، قارة لخضر، افلاحي الحملاوي
أعضاء مستشارون.
أما رؤساء التشريف فهم : من المسلمين السيد عبد الرحمن بن بيبي ، والسيد القلي أحمد ، ومن الأوروبيين السيد الجنرال والسيد السوبريفي ، والسيد شيخ المدينة .
وختم مراسل البصائر مراسلته بالدعاء التالي : حقق الله آمال هذه الجمعية وأنجح أعمالها ،وهدانا الله وإياها إلى ما فيه الصلاح والإصلاح الحقيقي والنفع العام .
ملاحظة :  لم يكتب المراسل الذي نقل وقائع افتتاح نادي الإرشاد اسمه لا في أول المراسلة ولا في آخرها ، ولو عرفنا اسمه لكانت الفائدة أتم وأعم .  






مكتب الحركة الوطنية "حزب الشعب"وناديها.
 

مكتب الحركة الوطنية وقد أشير إليه بسهم أحمر.

هذه صورة مكتب الحركة الوطنية " حزب الشعب" بناء على شهادة المجاهد" سي العمري تهامي" الذي توفي منذ سنوات رحمه الله .كنت سألته عن الأماكن التي كانت  الحركة الوطنية تنشط من خلالها وتعقد فيها اجتماعاتها ومهرجاناتها.
فدلني أولا على هذه البناية التي تقع في شارع الجمهورية يقابلها من الشمال المسرح بينهما الطر يق وتلتصق بها من جهة الشرق صيدلية
السماتي التي كانت  تدعى صيدلية "بولحناش" وقد ضمها اليوم أولاد الشيخ الحسين كراغل فأصبحت جزءا من مغازتهم .
قال لي الشيخ العمري تهامي: هنا كان مكتب الحركة الوطنية وأشار إلى الطابق الأول من البناية ذات اللون الأصفر في الصورة المشار إليها بسهم أحمر.والمكتب اليوم مغلق وتحته مخبزة
أما  موقع نادي الحركة الوطنية  فكان في شارع حفاظ شكري بالقرب من "عين الدروج"والمحل اليوم يشغل مطعما ملاصقا للفندق من جهة الشمال
كان هذا المحل قبل الثورة محطة لقاء مناضلي الحركة الوطنية بقادتهم من أمثال المناضل الكبير والزعيم الوطني محمد بوضياف الذي حسب شهادة أحد شهود تلك الفترة كان من أحب القادة إلى المواطنين لأنه كان يخاطبهم باللغة العربية المطعمة بالدارجة الجزائرية .
 إن هذه الأماكن الثلاثة إذا أضفنا إليها الموقع الذي سقط فيه سعال بوزيد شهيدا يوم الثامن من ماي سنة 1945 وأضفنا إليها مسجد أبي ذر الغفاري " مسجد المحطة" الذي انطلقت منه مظاهرات الثامن من ماي 1945 . ولا شك أن هناك أماكن أخرى سقط فيها شهداء أو وقعت فيها أحداث عظام .
فمثل هذه الأماكن سواء في مدينة سطيف أو في غيرها من المدن والقرى وحتى الجبال أو الوديان أو السهول أو الصحارى ليست مجرد أماكن عابرة بل هي تاريخ مفعم بالحياة والتوهج والروح الوطنية والذكرى والتذكر والأحاسيس والمشاعر ، إنها تحمل بين حجارة جدرانها وحيطانها وحبات ترابها عبق ذلك الجيل من الرجال الذين كانت لهم مواقف وكانت لهم رؤى وأفكار، وكانت لهم أدوار،إنهم الجيل الذي قاد حركة التحرر وصنع الثورة . إن مثل هذه الأماكن تغدو وتستمر حية إذا استطعنا أن نخرجها من حيز المتاحف والسجلات والنصب المقامة تخليدا لها إلى حياة الناس إلى اهتمام الأجيال من خلال المسرح والأغنية والصورة الفنية ، تمنيت لو أن لو طلبتنا ثانوياتنا وتلاميذ مدارسنا يُعَوَّدون على إقامة حفلاتهم الخاصة بهم في هذه الأماكن ومثيلاتها بحيث تعطى لهم الحرية الكاملة في إبراز إبداعاتهم في الموسيقى والشعر والغناء ورسم اللوحات الفنية .وإلقاء الحكايات والقصص الشعبية وما إلى ذلك .
وأؤكد على إعطاء كامل الحرية للطلبة والتلاميذ في النشاطات التي يقدمونها وبالطريقة التي يريدونها .
كم تفتقد مدننا وقرانا إلى مثل هذه النشاطات الثقافية والفنية التلقائية التي لا تحتاج إلى بروتوكولات ولا رسميات ولا مناسبات؟.
إلى متى تظل أحياؤنا وساحاتنا وحدائقنا خالية من اللمسات الجمالية من الكلمة المعبرة من النغمة الموسيقية من الحكاية الهادفة والقصة الشعبية والنادرة. خالية من شاعر يلقي قصيدة في ساحة أو مقهي. خالية من عازف يعزف على قثارته من كاتب يقرأ فصولا من كتابه الجديد أو يقدم له ملخصا ،أين" قوال" الأسواق الشعبية يحكي قصة النبي إبراهيم أو قصة يوسف مع إخوته على أنات نايه  أو الضرب على بنديره .
وأين المقهى الثقافي؟ وأين ؟ وأين ؟
بهذا تتحرك الثقافة في أوساط الجماهير،في تكامل مع المؤسسات التربية والتعليمية والثقافية ؛ تعطيهم وتأخذ منهم، تتفاعل معهم ،ترتقي بأذواقهم وأحاسيسهم،تستكشف معهم بواطن القوة والضعف في النفس الإنسانية وفي المجتمعات ، تطلعهم على كنوز تاريخهم وثقافتهم وتجارب الأمم والشعوب والحضارات الإنسانية ،وتستشرفهم معهم آفاق المستقبل .  





قجال يترنح :
بين الإسلام التقليدي الصامت  والأرثوذكسية المشاكسة .
بقلم :محمد الفاضل حمادوش.
             كان أهل قجال يرونه محور العالم ، و مركز الدنيا ، مكانة ليس لها مكافئ  وشهرةٌ طبقت الآفاق ، ومستودعُ الحسب والنسب ، ومعدن الطهر والنقاء.
 العلم اتخذه مسكناً ، والفقه اختاره موطناً ، زاويته شامة ٌ على جبينه
 وبطاقة هويةٍ وركن تعارفٍ ، وميناء حط فيه التاريخ رحله ، و أنزل فيه متاعه ،وأحماله .  التسامح فناؤهُ ، والكرمُ مدخله و باب من أبوابه ، غُيب و غُرب فلم تشنه غربة ، ولم يأسره ُ غياب، لأن ذخيرته الفكرية من الغناء بمكان،و أرشيف أعلامه لسانٌ ناطقٌ بالفصاحة و البيان ، و بيوتاته و أكابره في السؤدد  والمجد أفنان ، ومن الشجرة الطيبة غصنٌ ريان وفضلٌ من الحنان المنان.  
 لعل الصعوبة تكون شديدة جداً عالية السقف ، وعسرٌ يظهر فجأةً ، فيشل العقل ، ويحبس الخيال ويمسك اليد لما يهم الواحد منا أن يكتب مشاهداته  ويدون ملاحظاته ، ويصور ما يجود به الخيال وتطعمه العاطفة من صورٍ أو لوحات ، نابضة بالحياة ، تحاكي صور الحياة في هذه القرية الوادعة  وهذه المنطقة المسالمة ، التي أسكرتها العروبة و سحرها بيانها الأخاذ فعشقتها وتغزلت بها فكانت هي و الروح شيء واحد تسري في كيانها كما يجري الدم في عروقها ،حاجتها إليها في التعبير كحاجتها إلى الهواء في التنفس. وعجنها الإسلام فساغ شخصيتها على مثال ( مودال ) لا يتغير
ولا يتبدل فقط يتسع و ينمو و يتطور ويزدهر ويتألق ، لا يزيدها الاختلاط والاحتكاك إلا تميزاً وتفرداً و ترفعاً وتفوقاً.
 وقع التعريض بها ، و الحط من مكانتها وغمز سلوكها و تصرفاتها فلم يحملها ذلك على خفض قامتها و الخروج على كبريائها بل نظرت إلى كل ذلك بعين الزراية ، و أحسنت التصرف إزاؤه بعين الدراية . 
طبعاً لم تكن الحياة فيها قوية ٌ متدفقة ، أو متغيرةٌ متبدلة من حيثُ نمط العيش وأسلوبُ الإنتاج،والحراك الإجتماعي : صعود شرائح اجتماعية  و هبوط أخرى
 كانت هذه المنطقة كأغلب مناطق بلاد الجزائر في مأمن و منجى من الحوادث
 والوقائع ، التي يكون مصدرها الإنسان نتيجة شعور بالتحدي
أو توترات تنتاب العلاقات الاجتماعية لسبب من الأسباب ، فتدفعها لتعديل وضعيتها و التنفيس عن الاحتقان و يكون ذلك نتيجة الإبعاد ، أو التهميش  
أو الحيف أو الغبن أو جرح يصيب المعتقدات ، و يمس المخيلة ،أو فكرة خلاقة تطرأ فجأة فتفعل فعل السحر فيهم لما تنطوي عليه من رؤى ومشاريع تتأسس على معتقداتهم وأعرافهم وعاداتهم وعلى ما لا يتنافى مع منطقهم،وتصورهم ويعزفُ على أوتار آمالهم و طموحاتهم .
 الأشياء التي كانت تكسر الجمود،وتوقف الرتابة وتدخل شيئاً من الانتعاش والحبور على النفوس المنقبضة من أثر الملل و السأم والأجسام الواهنة الذابلة لأن نصيبها من الغذاء لا يتجاوز سد الرمق ، وإذا ما رمتها علة المرض فتترك لشأن القدر، هذه الأشياء هي : المواسم و الأعياد الدينية تُخرجهم من حال إلى حال ، و من جو إلى جو هي عبارة عن لحظات في عمر الزهور يفقون فيها أنهم آدميون ، و يتذكرون أنهم يتمتعون بالحياة
والحضور ويشعرون بالزمن وينتبهون إلى أن لهم ماضي و حاضر
ومستقبل، ويقعُ لهم شبه إدراك أن لهم امتداد في الماضي .
 غاية الأسف ، و مبلغ الأسى، أن الزمن والظروف والحيثيات تؤثر فيهم وتوجههم وتملي عليهم حاجات هي أقرب إلى الأعباء منها إلى الواجبات تقتلُ الفكر و الشعور و تجرئ على الاستهانة بالقيم و الاستخفاف بالمبادئ أما تأثيرهم و بصماتهم فيها _ الزمن ، الظروف ، الحيثيات ، _ فهي إلى الانعدام أقرب ، و إلى مفهوم التاريخ ومنطقه أغرب ، استقر في تفكيرهم ورسخ في كيانهم أن هذا فعل القدر ليس في مكنتهم دفعه ، ولا في وسعهم صرفه بل فقط حسبهم الانتظار حتى يرتفع من تلقاء نفسه .
نوازل وقوارع  اجتماعية ، وسياسية ،واقتصادية تحيق بالجماعة وتمسك بتلابيبها ، و تطرحها أرضاً بعد أن تمتص قوتها وتنهكها ، تتركها نهباً للجوارح والزواحف تمزق لحمها وتمتص دمها ؛ حوادث"8 ماي1945
وكثير قبلها ربما تكون أدهى و أمر أما بعدها فكانت الواقعة و ما أدراك ما الواقعة؟ " ثورة 54 " حدث ما يشبه المعاجز،وحصل مالا يتوقع حتى على مستوى الحلم والخيال ؛ فلم تنقرض هذه الجماعة كما انقرضت زواحف و أقوام يبتلعها العدم و تصبح أثراً بعد عين ، تنطمس حضارتها وتتفكك ثقافتها وتتحلل
و ينطفئ  نورها وتخبو جذوتها وتنسحبُ من ساحة النشاط و الإنتاج والإبداع الحضاري وتغدوا ثقافة أقوامية،أي ما تحت الوطنية نعم نقول بملء فمنا: أن هذا الجزء من الجماعة ، لا يختلف في شيء عن الجماعة برمتها أعني الشعب الجزائري على بكرة أبيه ،إلا اختلافات طفيفة ، كالاختلافات بين أفراد من أبٍ واحدٍ ، وأمٍ واحدة أو كتباين تضاريس الأرض،والمناخات في البلد الواحد ما يعني أن ما يجري على هذا الجزء من الجماعة يسري على الجماعة بأكملها ؛كل الأحداث الجسام ، والصدمات ، والكدمات ، وتقطيع الأوصال وعملية غسل الدماغ لم تفلح في فصل الجماعة عن تاريخها ومحو ثقافتها وتصفية ذاكرتها ، بل اختزنت كل هذا و أضافت إليه تجربة الاحتلال المرة في جوفها كما تختزن الأرض في غورها المياه ، والبترول وسائر المعادن الثمينة.
 وفي اليوم الموعود ، و الظرف المحلي المناسب ، والسياق التاريخي العالمي والفرص التي يوفرها ،اهتز الشعب الجزائري الأبي وانتفض لأن كهرباء الوعي لامست جسده،وانتقلت شرارتها إلى الجدار الصلد الذي كان يمنع عليه الرؤية ويحجزه عن الحركة فانهار الجدار وأصبح أنقاضاً، فأبصر الآفاق و هرول نحوها لا يلوي على شيء وأصبح يرى ذاته على غير ما كان يراها من قبل ، ويرى تاريخه مصدر فخرٍ واعتزاز ، ويرى ثقافته من الغنى ، و الخصوبة ، والتنوع . وما يشدُ الانتباه احتواؤها على النزعات العقلانية و الإنسانية ومرونتها التي لا تضاهى ، في انفتاحها
على الثقافات و الاستفادة مما يرد إليها منها و هضمه و تمثله بكفاية قل نظيرها ومن ثمة إعادة تشكلها حسب الوضعية الجديدة و حسب الحاجيات والمطالب المستجدة .
 انطوى عهد الحركة الوطنية و طور الثورة التحريرية بسرعة البرق لأن روح الإعتاق و التحرر ومشاعر الخلاص من الماضي البائس كانت أقوى من الدم و الموت و أقوى من المتاعب و المشاق ، بل أقوى من الزمن.
 ولد الشعب الجزائري من جديد بل بعث من القبور.
وأولُ شيء فكر فيه و انشغل به استعادة اللغة العربية مكانتها فأقبل على تعلمها برغبة جارفة. ولم ينتظر الدولة أو النظام السياسي لكي يقوم بذلك. بادر المجتمع الأهلي لبناء المدارس وجلب الأساتذة من المشرق العربي من خلال جمع التبرعات ، و كان النشاط موفقاً والنجاح باهراً .
 و كان قجال بيتُ العلم و الرجال ، من أبرز مناطق الجزائر في هذا الميدان بل الرائد في هذا المضمار والرائدُ لا يكذبُ أهله ولا ينقض عهده:  رئةُ مدينة سطيف وذاكرته ، و بصرهُ الذي يبصرُ به ؛ الفاتحون الأولون مروا به وأحفاد آل البيت استقروا به.
منه يبدأ تاريخ سطيف و فيه ينتهي ، مقصدُ الأولياء ، و مزارُ العلماء
وبغيةُ المحتاجين والفقراء .
كان قجال مرتاح البال مطمئن النفس لفهمه للإسلام و تعقله له في إطار  المذهب المالكي ،و العقيدة الأشعرية ، و تصوفُ الجنيد السالك .
ولا ينظر بعين الريبة إلى من يخالفه في المذهب الفقهي أو الكلامي ولا يتحرج ممن يخالفه في الملة .
 و كان بالفطرة يبتعد عن أدلجة الدين، وحصره في خانة السياسة؛الشيء الذي حفظ الدين من الانتهاك،وقداسته من الاختراق والتلاعب والاستغلال.
 وحصَّن المعرفة به والإحاطة بعلومه باشتراط شروط قاسية بنحو لا يستطيع كل من هب و دب أن ينفذ إلى هذه القلعة الحصينة ،ويديرها حيث يزعم أنه أحق بالإمامة ، أو الفتيا أو التدريس.
 أما حقل الدعوة فقد كان في عزة و منعة لا يطرقه إلا من أوتي زيادة عقل و جودة فهم و نضج نفس ونبل عاطفة،وعمق رصيد في التجربة والخبرة و سلامة ماض ، و طهر ذيل، و إجازة شيوخ .
كلُ هذا و غيره انقلب رأساً على عقب ، على حين غرة وكأن الأمر كان يبيتُ بليل لأمرٍ يُراد .
 برز نمطٌ من المعقولية و الفهم للدين الإسلامي أعوج أعرج أينما وجهته لا يأتي بخير ، و استبيح حقلُ الدعوة فتدثر بالسوء و لحقه الحيف والغبن و ارتدى عمامة التمويه وعلق لحية المكر والخديعة هي إلى المخلاة أقرب منها إلى لحية الهيبة والوقار التي ندبت السنة المطهرة إلى الالتحاء بها .
 إنها الحركات التمامية التي اختزلت الدين و ( الإسلام  ) في الطقوس     والشعائر، وأصرت على أن تجعله سيفاً أو بندقيةً تقاتل بهما المسلمين لتخرجهم من الشرك و تنتزع بهما السياسة من فضائهم وتقتل بهما العقلانية والنزعة الإنسانية والتسامح والمدنية ولكن هيهات هيهات .......

يتبع .



العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الشاهد الشهيد.
بقلم الزبير حمادوش .
سلام عليك يوم ولدت وسلام عليك يوم استشهادك وسلام علي روحك الطاهرة في رحاب الله وبين يدي الملإ الأعلى تقدم لهم كتاب شهادتك على أمتك التي ظللت حريصا على تعليمها الدين القويم والمنهج السليم القائم على العقل والفهم والوعي وصفاء القلب والسريرة.
هذا كتابك يا شيخنا الجليل نحن في عالمنا الأرضي قرأناه على يدك قبل أن يقرأه الملأ الأعلى،قرأناه قراءة وتتبعنا سطوره سطرا سطرا وتدبرنا كلماته كلمة كلمة . ومن منا لم يحفظ الدعاء المؤثور الذي كنت تصدر به دروسك ومحاضراتك ومواعظك : اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل وأكرمنا بنور الفهم ،وافتح علينا بمعرفة العلم وزين أخلقنا بالحلم ".
 سلام عليك يا أستاذنا من مدينة سطيف التي زرتها أكثر من مرة وتعرفت على أهلها  وشاركتهم طعامهم وشرابهم .والتقيت بشبابها وحاورتهم وحاضرت بمساجدها ومؤسساتها الثقافية ، وحذرتهم من انتهاج نهج الوهابية التي بدأت تنشر أفكارها التدميرية لضرب وحدة المسلمين تحت عنوان العودة إلى السنة الصحيحة والسلف الصالح .
سلام عليك مني أنا كاتب هذه السطور الذي تتلمذ عليك وإن لم يحضر حلقات دروسك بمساجد دمشق ولكن بفضل تلاميذك الذين كانوا يدرسون  بمدارس سوريا ويحضرون دروسك . فقد كان يزودنا بالدروس التي كنت تقدمها بمساجد دمشق مسجلة على أشرطة كاسات .وكانت دروس العقيدة والسيرة النبوية الشريفة في مقدمة تلك الدروس التي تَتبَّعْتها سمعا درسا درسا وكنت أعيد تدوينها في كراسات خاصة  مازلت أحتفظ بها إلى اليوم
لقد كانت تلك الدروس المسجلة شرحا وافيا لكتابك في العقيدة الموسوم  "بكبري اليقينيات الكونية وجود الخالق ووظيفة المخلوق" الذي يعد من أهم الكتب الحديثة - بل إنه الكتاب الفريد- الذي يتناول العقيدة الأشعرية بأسلوب علمي حديث، ويضع القارئ عموما والدارس بصفة خاصة على أهم خصائص العقيدة الأشعرية خاصة في تناولها للقضايا الخلافية كمسألة خلق القرآن ،ومسألة التكفير،ومسائل الصفات والقضاء والقدر ومدى التداخل بينهما وبين الفعل الإنساني والإرادة الإنسانية ومسؤولية الإنسان في الحياة .ومواضيع أخرى حفل بها الكتاب تحتاج إلى بحث خاص.    
وكذلك كان الشأن في دروس السيرة المسجلة التي كانت كذلك شرحا مستفيضا لكتابك المميز في السيرة النبوية الشريفة ؛ فهو أولا: كتاب مدرسي بامتياز في الطريقة والأسلوب والمنهج انطلاقا من اختيار النص من سيرة ابن هشام ثم شرح النص والتعليق عليه بتحديد العبر والعظات والأحكام الشرعية المستفادة من النص.وثانيا : أنه حصل لك شرف السبق في تناول السيرة بهذه الطريقة المدرسية الحديثة التي جعلت مواضيع السيرة النبوية الشريفة بكل مراحلها في متناول كل طالب متخصص أو قارئ عادي . 
سلام عليك يا شيخنا من كل الذين التقيت بهم في مدينة سطيف،سنوات الثمانينيات  بمحافظة جبهة التحرير ،ونصحت لهم ووضعتهم على خطورة ما يراد بالإسلام والمسلمين من خلال اختراق وحدتهم باسم الإسلام وباسم السنة النبوية.
وحذرتهم من الدعوات التي تقلل من شأن المذاهب الإسلامية ،وتحاول أن تلصق بها كل أسباب تفرق المسلمين وضعفهم ، لتبرر لهم تجاوزها وتبني اللامذهبية مذهبا من خلال الأخذ مباشرة من كتب الحديث ،وهو ما تبناه محمد بن عبد الوهاب بإيحاء من شيخه الانجليزي"اللورد همفري" الذي استطاع أن يصنع لنا من إسلامنا خلطة سحرية تفرق بيننا حتى في صلاتنا التي لم يعد لها ذلك الانسجام البديع في وحدة الإشارات والحركات
التي يصنعها التزام المذهب الواحد كما كان الشأن في الجزائر وبلاد المغرب العربي في تبنيها للمذهب المالكي .
ثم انظر إلى خطر اللامذهبية على مستوى وحدة الشرعية الدينية في العالم الإسلامي التي انتزعت من مؤسساتها التقليدية المعروفة .وأصبح لكل بلد أو إمارة أو مدينة بل لكل جماعة شرعية خاصة يمثلها شيخ أو داعية أو مرشد أو إمام وما إلى ذلك هذا يفتي بردة الأمة كما عنون أحدهم كتابا له :" ردة لا أنا بكر لها "وهذا يفتي بتكفير حكام المسلمين قاطبة أو الحاكم الفلاني أو النظام الفلاني، وذاك يفتي بوجوب قلب نظام الدولة والآخر يعلن بالاستعانة بالعدو لقب نظام الحكم والآخر بنصب نفسه أمير المؤمنين ويعلن الجهاد في العالم كله وما إلى ذلك .
ثم انظر إلى المصير البائس الذي انتهت إليه الفتوى التي انفلتت من وحدة المذهب فباضت وفرخت لنا مفتين من كل لون وصنف  يبدعون الفتاوى إبداعا في كل صغيرة وكبيرة وكل جديد وقديم ؛ فتاوى عجيبة غربية فاضحة ووسخة ونتنة أحيانا؛ انظر فتاوى التكفير واستحلال دماء المسلمين واستباحة أموالهم وأعراضهم ،وفتوى رضاع الكبير ، وفتوى جواز إتيان الرجل لزوجته الميتة وفتوى جهاد المناكحة، وإحياء سنة السبي وما إلى ذلك.
كانت وحدة المذهب في البلاد الإسلامية ترسخ وحدة علماء الإسلام قبل عامتهم؛ فتجد العالم منهم تتعدد اجتهاداته التي يخالف فيها مذهبه أو المذاهب السائدة ولكنه حفاظا على وحدة المسلمين يعلن صراحة أنه على المذهب الذي ولد عليه أو السائد في  بلاده وينص على ذلك في التعريف بنفسه في مؤلفاته فيقول مثلا ابن رشد المالكي أو أبو حامد الغزالي الشافعي أو ابن تيمية الحنفي .
هذه بعض تداعيات اللامذهبية التي ابتدعتها الوهابية التي لا هدف لها إلا إفراغ الإسلام من كل محتوى ومن كل معنى ومن كل بصيرة وعقل ومن كل روحانية  ومن كل صدق ، ومن كل رحمة .
سلام عليك يا شيخنا الجليل يا من لم تكتف بتحذير الأمة من فتنة اللامذهبية من خلال المحاضرات والدروس والمقالات بل ألفت كتابا  تشرح فيه للأجيال مخاطر اللامذهبية عنونته ب" اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية " وكتابك الثاني الموسوم ب "السلفية مرحلة زمنية مباركة وليست مذهبا إسلاميا . الذي كان إبراء للسلف الصالح من كل الدعاوى والضلالات  والافتراءات والجرائم التي مارسها وما زال يمارسها الأدعياء الأفاقين باسمهم .
  سلام عليك يوم فاضت روحك وصعدت إلى بارها بفعل عمل إرهابي حاقد ،بعدما أديت واجبك نحو الأمة ونحو وطنك سوريا وشعبها الأبي الذي تعرض ومازال يتعرض لأخبث وأمكر مؤامرة استهدف دولته وجيشه بل وجوده كآخر قلعة من قلاع العروبة والقومية العربية ومركز محور الممانعة في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني الذي انهزم في 2006على يد المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله الذي لولا سوريا بجيشها وقيادتها ما كان له أن يكون .
نسأل الله تعالى أن يجعل من دمك الزكي الذي وشح أرض المسجد وجدرانه وأفرشته وازدانت به أوراق المصاحف طهارة لسوريا وسائر بلاد المسلمين من دنس الإرهاب والإرهابين .





العقل ذلك الروح الإلهي فينا:
فكيف نحرره من حجب الماضي واستلاب الحاضر؟
          قال الله تعالى : وبدأ خلق الإنسان من طين .ثم جعل نسله من سلالة ماء مهين.ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والابصار والافئدة قليلا ما تشكرون . ( السجدة 9،8،7) خلق الله الإنسان قبضة من طين ونفخ فيه من روحه ، وهذا الروح الإلهي الذي دخل في تكوين الإنسان ما هو إلا هذا العقل الذي أودع في كل واحد منا. عقل  يتحرك لعقلن الحياة في كل مكوناتها وعناصرها من خلال عملية نمو وإبداع متواصلة،عقل ينفذ إلى عمق الحياة عمق أسرارها ومكنوناتها وآياتها بالعلم والبحث والاستكشاف. في حديث العقل المروي عن الله تعالى أي ما يسمى بالحديث القدسي والذي - مع الأسف- تعتبره مدارس الحديث حديثا موضوعا أو ضعيفا وأعتقد أنه لو كانت السيادة للعقل على النقل خاصة في حياتنا الفكرية والعلمية لجعل هذا الحديث أول حديث يحفظه المسلمون ويتعاملون مع الحياة من خلاله قبل أحاديث أركان الإيمان والإسلام . كما كان ينبغي عليهم أن يحفظوا أول آية نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم ،وأعني بها قوله تعالى "اقرأ باسم ربك الذي خلق " لتكون القراءة والمعرفة مفتاح الإيمان والإسلام، ويكون العقل مفتاحا لعقلنة الحياة بكل مكنوناتها وبكل ما فيها . "أن الله تعالى لما خلق العقل ، قال له: أقبل. ثم قال له :أدبر. ثم قال الله تعالى : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعز علي منك ،إياك آمر وإياك أنهي وبك آمر، وبك أثيب وبك أعاقب ." ومعنى هذا أن الله تعالى قال للعقل :أيها العقل ، أقبل إلي ، انفتح علي، أنظر إلى سمواتي وكيف بنيتها تأمل آفاقي في الحياة، في الكون ، وفي نفسك وفي كل ما يحيط بك لأمكنك من مواقع القدرة ومن خزائن العلم وكنوز المعرفة عندي، وآتيك من فيوضات الرحمة لدي . أقبل إلي واقترب لأعطيك الطهر والنقاء والصفاء والكمال لتستطيع أن تغوص في أعماق الأشياء وتكتشف الحقيقة، وتقبض على عناصرها.
وتحرك العقل إلي ربه وأقبل إليه ليستوحي منه ويستلهم كل ما يغني قواه ومدركاته في اكتشاف الحياة والكون ليعرف كيف يعقلن الكون وكيف يدير "مسؤولياته :" سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبن لهم أنه ."الحق. 53 فصلت "." أفلم يسيروا فتكون لهم قلوب يعقلون بها."الحج46 ". وهكذا، أقبل العقل إلى ربه ليتعرف أولا على ربه ليتعرف على سر الوجود الكامن في المعرفة بالله التي هي أصل المعارف كلها الممتدة والمبثوثة في كل ما خلق الله وكل ما أبدعه في الآفاق وفي الأنفس. " ثم قال له أدبر فأدبر " أي تحرك أيها العقل تحرك وامش أمامي وبمعيتي لأعرف وأنا أعرف بك كيف تقف على قدميك ،وكيف تتوازن خطواتك ؟ وكيف تخطط وتقوم بمسؤوليتك ؟ هنا وقد أعطى الله تعالى معنى العقل للعقل أي أصبح الإنسان يعرف أن له عقلا يميزه عن الموجودات الأخرى أراد الله تعالى للإنسان وعبر التجربة والممارسة والخطأ والصواب والاستكشاف لإمكاناته وقدراته في التمكين لنفسه من خلال عملية إخضاع ما حوله من موجودات لتلبية حاجاته المختلفة أراد له أن يدرك عظمته وأن يدرك مسؤولياته الكونية والحياتية. " وعزتي وجلالي ما خلفت خلقا أعز عليك منك"أنه العقل سر كل عظمة الخلق  هو القيمة التي تعطى للإنسان قيمته وإنسانيته ، فالإنسان عقل قبل أن يكون جسدا  بل إن العقل هو الذي استطاع أن يرتفع بالجسد من الحيوانية إلى الآدمية. ( ولقد كرمنا بني آدم ) بماذا؟ أليس بالعقل( وحملناهم في البر والبحر) بماذا ؟ أليس بالعقل.(ورزقناهم من الطبيات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا .70 الإسراء. ) بماذا ؟ أليس بالعقل الذي اكتشف الزراعة وركوب البحر والجو وشق السماء .نعم هاهو اليوم يشق السماء ويرسل المرسلات عرفا ليستطلع عوالم الكواكب الأخرى ليمكن لنفسه فيها .حتى الأنبياء سر عظمتهم أن عقولهم ارتفعت إلى مستوى من العقل الكامل فكان الرسول عقلا وقيمته في عقلانيته قبل أن يكون نبوة ولهذا ذهب صاحب الذخيرة أحد السادة المالكية :" أن الله تعالى أعطى لمحمد صلى الله عليه وسلم من فضل العقل ما لم يعطه من فضل النبوة .وتعد بعض المذاهب الفكرية الإسلامية " أن الرسول عقل من خارج ،والعقل رسول من داخل "هذا التكامل بين العقل والرسول يجعل الرسالة عقلا، ولذلك فإن الرسالة لا يمكن أن تلتقي بالخرافة ، أو التخلف، أو الجهل ، أو الوهم  ، بل إن الرسالة تتنزل لتفتح للعقل أن يغير العالم على طريقته .( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم .)  يحييكم بالعقل .                                                                   
 ثم أنظر إلى هذا العالم منذ بدإ الخليقة وإلى اليوم من المتكلم فيه ؟ومن المتحرك فيه ؟ومن أحدث فيه كل هذه الحضارات والإنجازات من نور هذا الكون ؟ أليس هو العقل الإنساني " الله نور السموات والأرض " قال أبي حامد الغزالي هو نور العقل .( أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ) هو العقل.
 وقالها الله:" إياك آمر وإياك انهى ، وبك أثيب وبك أعاقب" عندما يقوم الناس لرب العالمين وتأتي كل نفس تجادل عن نفسها، وينادي المنادي" وقفوهم إنهم مسئولون " من يقف يجادل عن صاحبه ؟ يقف العقل طبعا  وتتحرك كل العقول أمام الله تعالى لتقدم حساباتها . لتتميز العقول التي استطاعت أن تعقلن مسيرتها في الحياة ، وتعقلن مسئولياتها وأعمالها وعلاقاتها من العقول التي سارت في خطوط  الخرافة والجهل والتخلف التي لا تلتقي أبدا بحسابات الفكر والإبداع والتخطيط والنظام .                                       
"وبك أثيب وبك أعاقب " إن قيمة الإنسان من خلال حجم عقله وحركية عقله وأداء عقله، لأن الله تعالى ينظر إلى الإنسان من خلال عقله ، لأنه يريد منه أن يعقلن تفكيره ويعقل أعماله ويعقل أحاسيسه وما توسوس به نفسه . ويعقلن ما يسمع وما يرى وما يتكلم ، ويعقلن عمله وسياسته ومستقبله وكل حركته في كل مواقعها .فلا حركية فاعلة بدون عقل وبذلك وحده يحقق إنسانيته التي خلقها الله في أحسن تقويم .                          
إذا نحن في حاجة إلى أن نعقلن كل شيء في حياتنا أن نعقلن منطلقات أفكارنا ومفاهيمنا ونعقلن رؤانا وتصوراتنا كما علينا أن نعقلن إقتصادنا وسياستنا ونظمنا المختلفة في التربية والتعليم والثقافة .حتى طريقة أكلنا وشربنا وولائمنا وأعيادنا وغرائزنا علينا أن نعمل فيها العقل إلى أقصى الحدود في روايات عن النبي صلى الله عليه وسلم متعددة أن إعمال العقل هو الفيصل في تقييم الأعمال في الدنيا والآخرة " ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت ". ويثنون أمامه صلى الله عليه وسلم على رجل ويبالغون في الثناء فيقول لهم : وكيف عقله ؟ فيقولون :نخبرك عن اجتهاده في العبادة وأصناف الخير ،وتسألنا عن عقله ؟فيقول إن الأحمق يصيب بجهله أكثر من فجور الفاجر، وإنما يرتفع العباد غدا في الدرجات الزلفى من ربهم على قدر عقولهم . 
 وفي حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه أن "عماد المرء عقله ومن لا عقل لا دين له " ومعنى هذا ببساطة شديدة أن العقل حكم على الدين فهو الذي يفسر معانيه ويجلي حقائقه وأبعاده ويعطي دلالاته وهو الذي يبين قيمه العليا وثوابته التي تعلو على الزمن ليفصلها عما هو تاريخي من تفسيرات وتأويلات تجاوزها الزمن في عصرنا هذا بينما العالم يتحدث عن الإنسان وحقوق الإنسان ويفرغ جهده في البحث عن الوسائل التي ترتقي بالإنسان فكريا وروحيا ونفسيا وصحيا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا وعلميا ،نحن مازلنا نغوص في البحث عن إيمان الناس وعباداتهم فنصنفهم إلى كفار ومؤمنين ومنافقين وزادقة وموحدين ، ومذاهب وفرق شيعية وسنية .وما إلى ذلك من بدع تصنيف الناس على أساس الإيمان والدين والمذهب . ماذا حصدت الشعوب العربية من مثل هذه التصنيفات غير هذا القتل والذبح وسبي النساء .  بعض الناس يقول إن النجاة كل النجاة  في التقليد والإتباع، والهلاك كل الهلاك في الابتداع ،ويعمم هذه المقولة على كل مجالات الحياة الفكرية والعملية . قد يكون هذا صحيحا في مجالات العقائد والعبادات وبعض الأحكام الأسرية والحلال والحرام ولكن في مجالات الفكر والثقافة والإبداع والفنون،وفي مجالات العمل والتطور وفي  مجالات السياسة والاقتصادي وفي البحث العلمي فليس هناك قوالب جاهزة ولا نماذج للتقليد والإتباع ولا منظومات فكرية نهائية . وإنما هناك طريق ممتد نحو المستقبل طريق تسير فيه كل دول العالم وكل أممه وشعوبه إنه طريق الإنسانية الذي انطلقت فيه منذ بداية الخليقة وانتقلت فيه من مرحلة التوحش والبدائية  إلى الأنسنة ومن مرحلة  الأوثان إلى حضارة التوحيد ومن العصر الحجري إلي اكتشاف النار والزراعة وركوب البحر وصولا إلى عصر الطائرة  والصاروخ وغزو الفضاء . واليوم هاهي البشرية تخطو خطواتها العملاقة نحو حضارة جديدة حضارة النانو تكنولوجيا ، حضارة مالا عين رأت ولا أذن سمعت و خطر على قلب بشر . 




ما بين الرجل والمرأة
          في حوار جرى بين ثلاثة رجال حول المساواة بين المرأة والرجل ؛ كان أولهم رجل متدين ، وثانيهم علماني، أما ثالثهم فيقدم نفسه على أنه  رجل واقعي ينظر إلى الأشياء بمنظار الواقع :
تكلم الرجل المتدين فقال :أما من حيث الخلقة فكلاهما أي الرجل والمرأة خلقا من نفس واحدة كما شهد بذلك القرآن الكريم في أكثر من سورة : في سورة النساء"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة..الآية1" وفي سورة الأعراف :"وهو الذي خلقكم من نفس واحدة .189..."
وفي سورة الزمر "خلقكم من نفس واحدة ... الآية6".
وعلى مستوى التكليف والجزاء يقف الرجل والمرأة سواء " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة  طيبة ولنجزينهم أجرهم  بأحسن ما كانوا يعملون .النحل 97". 
ولكن القرآن يؤكد في آيات أخرى أن الرجل ليس كالأنثى" وليس الذكر كالأنثى". ، ويعطيه في آية أخرى درجة أعلى " وللرجال عليهن درجة "وشهادتها نصف شهادة الرجل .وفي الإرث " للذكر مثل حظ الأنثيين".
وعلى العموم . لا مساواة بين المرأة والرجل ، ولكن تكامل وتعاون .
ثم تكلم العلماني فقال : نحن لا نقبل بأي تفرقة ين الرجل والمرأة ونقول بالمساواة المطلقة بينهما  .
ثم تكلم ثالثهم فقال : أما أنا فأخالفكما الرأي وأقول : أن الرجل لا يساوي إلا ربع المرأة فقط . ولي على ذلك دليل واقعي يشهد به جميعكم ، ودليل ثان علمي ودليل ثالث من الدين .
أمل دليلي الأول ،فأقول : ألستم تقولون أن المرأة نصف المجتمع ؟ فهي كذلك في كل المجتمعات وإن كان هناك تفاوت نسبي لظروف الحروب وغيرها ثم أليست هي التي ولدت النصف الثاني أي الرجل؟ فإذا جعلنا القسمة من أربعة أجزاء فالمرأة تأخذ جزئيها باعتبارها نصف المجتمع وتأخذ من الرجل جزءا لأنها هي التي ولدته فيجتمع عندها ثلاثة أجزاء من أربعة . ولا يبقى للرجل إلا جزءا واحدا من أربعة .
إما دليلي العلمي فما علينا إلا أن ننظر إلى ما يقرره العلم في خلية الرجل التي تتكون نواتها من كروموسومين  يرمز لهما ب ( x y ) أما خلية المرأة فتتكون نواتها من كروموسومين يرمز لهما ب ( xx) .ليتبين لك من ذلك أن المرأة تشارك الرجل في الكروموسوم (x) في خليته فيكون لها ثلاثة (xxx) وليس للرجل إلا الكروموسوم وحيد (y) الذي يحدد المولود الذكر .
أما دليلي الديني فمن  جواب الرسول صلى الله عليه وسلم للذي سأله : من أحق بحسن صحبتي؟ فكان جواب الرسول صلى الله عليه وسلم: أمك .ثم أمك.. ثم أمك .. وفي المرة الرابعة ذكر الأب. وبذلك أعطى للأم ( المرأة) ثلاثة حقوق مقابل حق واحد من أربعة للأب (الرجل) .
 وبهذا تعلمون أيها الرجال المعجبون برجولتهم المجاهرون بأفضليتهم منذ بدإ الخليقة وإلى اليوم. المتغطرسون على نسائهم أن الرجل منكم لا يساوي إلا ربع امرأة  بكل الأدلة الواقعية والعلمية والدينية.





شعار وطني منسلخ من هويته :



         لست أدري لماذا وقع الجزائريون عامة وجماهير كرة القدم منهم خاصة على اختيار هتاف " وان تو ثري فيفا لا لجيري " ليكون شعارا لهم  وصوتهم المدوي في ملاعبهم  والمنطلق من فضائياتهم وقنواتهم الأرضية ومن ميكرفونات الإذاعات وعلى ألسنة الصغار والكبار والرجال والنساء في الشوارع والساحات والبيوت ، حتى السياسيين  أثناء الحملات الانتخابية يدفعون برفع هذا الشعار خلال إقامة مهرجاناتها وتجمعاتهم . لقد غدا العالم يعرف الجزائر من خلال الشعار" وان تو ثري فيفا لالجيري".
في يوم من الأيام بينما كنت أتنقل كعادتي بين القنوات الفضائية لعلي أجد ما يمكن مشاهدته دون ملل ،وقعت على برنامج رياضي يذكر الشعار "وان تو ثري فيفا لا لجيري"أنه شعار جزائري بامتياز مؤكدا أنه لم يعد شعار جماهير الكرة الجزائرية في الملاعب فقط بل أصبح شعار السياسيين في مهرجاناتهم الانتخابية والحفلات والأعراس .
 فقلت في نفسي : عجبا لهؤلاء الجزائريين شعار يعرفون به في كل بلدان العالم ؛ شعار أقل ما يقال فيه أنه منسلخ من جلدته شعار يهتف بحياة الجزائر بغير لغتها  وكأن الجزائريين لا لغة لهم !. وتذكرت حينها ما وقع للسيدة الفاضلة والروائية العظيمة أحلام مستغانمي حين قدمت نفسها في أحد الملتقيات أنها من الجزائر ،فانبرى أحد الحاضرين ليقول لها أنت من بلد الشاب خالد صاحب أغنية "دي دي واه" وسألها عن معنى " دي دي واه " . كانت الصدمة كبيرة ؛ كيف للجزائر التي كانت تعرف في العالم  ببلد الأمير عبد القادر ،وابن باديس وثورة المليون ونصف المليون شهيد والزعيم أحمد بن بله ،والقائد الثوري بومدين .وفجأة نسى العالم كل تلك القمم الشامخة في عوالم  الجهاد والمقاومة والثورة والإصلاح والعلم والمعرفة لتصبح الجزائر بلد الشاب خالد وأغنية "دي دي واه "التي إلى اليوم مازال العالم يسأل عن معناها.
لقد حاول البعض أن يعطي للشعار " وان تو ثري فيفا لا لجيري" بعدا تاريخيا يعود إلى مظاهرات الثامن من ماي 1945 حيث خرج الجزائريون مطالبين بحرية بلدهم من الاستعمار الفرنسي . واختاروا أن يسمعوا العالم مطلبهم  بلغاته الثلاث المعتمدة يومئذ في هيئة الأمم المتحدة وهي الانجليزية والإسبانية والفرنسية .
لكن إذا كان مبررا للجزائريين زمن الاستعمار أن يهتفوا بحياة الجزائر بغير لغتهم حتى يسمعهم العالم ، فما الداعي اليوم وقد أصبح لهم دولة حرة مستقلة ولهم دستور يؤكد على مقومات شخصيتهم وأن لغتهم الرسمية هي اللغة العربية والأمازيغية فما الداعي إلى الهتاف ب" وان تو ثري فيفا لالجيري " الشعار المسلوب الفاقد لأهم مقومات شخصيته ؟
 نعم لشعار" تحيا الجزائر" بلغته ،بمقومات شخصيته . ذلك الشعار الذي رفعه عاليا كل المقاومين والمجاهدين والمصلحين وشهداء 8 ماي 1954 وشهداء ومجاهدي ثورة التحرير وكان صيحة الشيخ عبد الحميد بن باديس في قصيدته الشهيرة شعب الجزائر مسلم بل آخر عهد منه إلى كل الجزائريين والعرب إلى يوم القيامة  :    
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ
                                     فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
فأين هذه الصيحة العظيمة والغالية " تحيا الجزائر والعرب من نعقات " وان تو ثري فيفا لا لجيزري" فالعظمة كل العظمة والنصر كل النصر والشموخ كل الشموخ لشعار " تحيا الجزائر والعرب" والمهانة كل المهانة والمذلة كل المذلة  لشعار سلخه المستلبون التبع من جلدته " وان تو ثري فيفا لا لجيري ".  






 
فسيفساء كلامية:
من للإسلام ؟
" لم أر كالإسلام ديناً حفظ أصله، وخلط فيه أهله. ولا مثله سلطاناً تفرق عنه جنده، وخفر عهده، وكفر وعيده ووعده، وخفي على الغافلين قصده، وإن وضح للناظرين رشده. أكل الدهر أهله الأولين، وأدال خشارة من الأخرين، لا هم فهموه فأقاموه، ولا هم تركوه فرحموه، سواسية من الناس، اتصلوا به، ووصلوا نسبهم بنسبه، وقالوا نحن أهله وعشيرته، وحماته وعصبته، وما هم منه في شيء، إلا كما يكون الجهل من العلم والطيش من الحلم، وأفن الرأي من صحة الحكم".
 الشيخ محمد عبده.
هيبة الحكم :
إن الإسلام حائط منيع وباب وثيق ، فحائط الإسلام العدل وبابه الحق فإذا قوض الحائط وحطب الباب استفتح الإسلام .فلا يزال الإسلام منيعا ما اشتد السلطان وليس شدة السلطان قتلا بالسيف ولا ضربا بالسوط ولكن قضاء بالحق وأخذ بالعدل 
                                                     
المحاضرات والمحاورات للجاحظ.
منهج لخطباء المساجد والمدرسين والعلماء :
قال الشاطبي في ذلك :
(وضابطه أنك تعرض مسألتك على الشريعة فإن صحّت في ميزانها فانظر في مآلها بالنسبة إلى حال الزمان وأهله، فإن لم يؤدّ ذكرها إلى مفسدة فاعرضها في ذهنك على العقول، فإن قبلتها فلك أن تكلم فيها إما على العموم إن كانت مما تقبلها العقول على العموم ، وإما على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم .
 وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغ فالسكوت عنها هو الجاري على وفق المصلحة الشرعية والعقلية .  
                             
 من كتاب الإفادات والإنشادات .
 الدين لله ؟
الدين لله من شاء الإله هدى
              لكل نفس هوى في الدين داعيها
ما كان اختلاف الأديان داعية
                إلى اختلاف البرايا أو تعاديها
 الكتب والرسل والأديان قاطبة
               خزائن الحكمة الكبرى لواعيها
محبة الله أصل في مراشدها
                   وخشية الله أس في مبانيها
 أمير الشعراء أحمد شوقي  .
دعوة للانفتاح على أديان الشعوب :
"أنا أعتقد أن واجب كل مثقف، رجلا كان أو امرأة ،أن يقرأ كتب العالم المقدسة بود وتعاطف. وإذا نحن احترمنا أديان الآخرين، كما نريد منهم أن يحترموا ديننا فإن دراسة ودودة لديانات العالم واجب مقدس".
 المهاتما غاندي .
كي نستوعب معنى الحياة . 
" لابد لفهم تاريخ البشرية والحياة الإنسانية من فهم الدين   ويجب على المرء في العالم المعاصر أن يفهم عقائد الشعوب ودياناتها كي يستوعب معنى الحياة كما يرى من منظورات تختلف اختلافا كبيرا أحيانا عن منظوراتنا" 
العالم ننيان سمرات .
   
 أنا بعثتك للوصل لا للفصل:   
جاء في الحديث القدسي،أن نبي الله موسى عليه السلام مرّ براعٍ في البرية يناجي ربه يقول: «أين أنت لأقبّل يديك وأمسح قدميك؟ لأخدمك إذا مرضت وأبقى بقربك، فداء لك أهلي ومالي وروحي، غنمي ومعزي، اختر أي كبش من أكباشي لأذبحه لك وأطعمك إياه، ألا تذكر صياحي على قطيعي مرغباً له بالرعي أو الشرب أو النظم أو المشي ؟ فهو من أجلك». فنهاه موسى عن ذلك لأن في كلامه كفراً، وإن استمر فسوف تأتي نار تحرق الدنيا ومن عليها، وعلّمه كيف يناجي ربه بلغة فلسفية تجريدية، وبعدما فارقه حاول الراعي أن يعمل كما علّمه موسى، فلم يجد كلاماً للنجوى، كأنه لم يجد ربه الذي يعرفه على طريقته، فأخذ يعاتب موسى عن بعد: ماذا فعلت بي؟ أحرقت روحي بنار الندم، أخرستني!! فنادى الله موسى معاتباً: «ماذا فعلت بعبدي؟ دعه لي ودعني له، أنا بعثتك للوصل لا للفصل، لقد فصلته عني، وأنا أنظر إلى الداخل والحال لا إلى الخارج والقال.    
 المثنوي للجلال الدين الرومي .
الإنسان أحسن المخلوقات :
روي أن عيسى بن موسى من بني العباس ،كان يحب زوجته حبا شديدا  فقال لها :أنت طالق إن لم تكوني أحسن من القمر.
فنهضت، وقالت: قد طلقتني ، واحتجبت عنه ، فبات في ليلة عظيمة فلما أصبح غدا إلى الخليفة المنصور، وأخبره الخبر،وقال: يا أمير المؤمنين إن تم طلاقها تلفت نفسي غما،وكان الموت أحب إلي من الحياة. وظهر من المنصور جزع شديد، فأحضر الفقهاء ، واستفتاهم، فقال جميع من حضر:قد طلقت، إلا رجل من أصحاب أبي حنيفة فإنه سكت. فقال له المنصور: مالك لا تتكلم ؟
فقال :( بسم الله الرحمن الرحيم . والتين والزيتون. وطور سنين. وهذا البلد الأمين .لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم.) فلا شيء أحسن من الإنسان. فقال المنصور لعيسى بن موسى: قد فرج الله تعالى عنك، والأمر كما قال، وأقم على زوجتك .وراسلها أن أطيعي زوجك فما طلقك .
لذة المثقف :
سهري لتلقيح العلوم  ألذّ لي      
                   من وصل غانية وطيب عناق
وتمايلي طربا لحل  عويصة                               
                    أشهى وأحلى من مدامة ساق
وصريرأقلامي على أوراقها                                
                    أحلى من الـدوكاه  والعشاق
وألذ من نقر الفتاة    لدفها                              
                  نقري لألقي الرمل من أوراقي
أأبيت سهران الدجى وتبيته                               
                   نوما وتبغي  بعد  ذاك  لحاقي 
من تفسير الكشاف  
     
رفض البيروقراطية :
- كان علي بن طالب قد ركب لحاجة فاتبعه رجل يمشي خلفه  فقال له:
ارجع فإن مشي مثلك مع مثلي فتنة للمتبوع ومذلة للتابع .
 نهج البلاغة .
- سأل أحد الخلفاء الراشدين رجلا عن شيء، فقال :
أنت يا أمير المؤمنين خير مني وأعلم .
فغضب الخليفة وقال : إني لم آمرك بأن تزكيني .
إحياء علوم الدين.
- إن شراركم من أحب إن يوطأ عقبه ...
أي أن يمشي الرجال خلفه .
جعفر الصادق
إذا أردت أن تخلق الأعداء فتميز على أصدقائك أما إذا شئت أن تكسب الأصدقاء فدع أصدقاءك يتميزون . 
 الفيلسوف الفرنسي لا روش فركو
غاية الرسل :
  بعث الله الرسل للناس ليثيروا فيهم دفائن العقول.
علي بن أبي طالب
تمتع بعقل دون خرف:
ما كان رجل صادقا في حديثه لا يكذب إلا تمتع بعقله ولم يصبه مع الهرم آفة ولا خرف .
 مالك بن أنس .
من وصايا النبوة : لا تقطع من كان يواصل أباك تطفئ بذلك نوره ، فإن وِدَّك وِدُّ أبيك .
 أسباب الهلاك :
" إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء ،فقيل وما هن يا رسول الله ؟ قال : إذا كان المغنم دولا، والأمانة مغنما، والزكاة مغرما وأطاع الرجل زوجته وعق أمه، وبر صديقه وجفا أباه ، وارتفعت الأصوات في المساجد وكان زعيم القوم أرذلهم ،وأكرم الرجل مخافة شره وشربت الخمور ،ولبس الحرير ، واتُّخِذت القََيْنَاتُ والمعازف ،ولعن آخر هذه الأمة أولها ، فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا أو مسخا .       
 حديث شريف رواه الترمذي.
-الأمم الكبيرة بأفكارها تجيء كبيرة بأخلاقها. فلذة الألم في سبيل الفكرة الكبيرة أكبر من الألم نفسه.
- لا تحملوا إلى الله مشاكلَكم ومتاعبَكم التي لا تُعَدُّ. ولا تتضرَّعوا إليه أن يفتح لكم الأبوابَ من بعد أن أعطاكم مفاتيحَها. ولكن فتِّشوا رحابَ قلوبكم. ففي رحاب القلب مفتاحٌ لكلِّ باب. وفي رحاب القلب كلُّ ما أنتم جياعٌ وعِطاش إليه، إنْ مِنْ خيرٍ وإنْ مِنْ شرٍّ.
 مخائيل نعيمة
- العقول العظيمة تناقش الأفكار؛
- العقول المتوسطة تناقش الأحداث؛
- العقول الصغيرة تناقش الأشخاص.
- إن كلَّ إنسان أو شعب يفقد الحماس تصاب مواهبُه كلُّها بالعجز.
 - ما أكثر المؤمنين الذين يرتكبون جميع ما يستطيعون من معاصٍ، معتمدين على التوبة في آخر المطاف،أو معتمدين على سعة المغفرة متناسين  قوله تعالى "أفأمنوا مكر الله ؟،فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون".
غلام يغلب المغيرة :
       روى الشعبي قال :سمعت المغيرة بن شعبة يقول : ما غلبني أحد قط إلا غلام من بني الحارث بن كعب ، وذلك أني خطبت امرأة من بني الحارث وعندي شاب منهم ،فأصغى إلي فقال :أيها الأمير، لا خير لك فيها. قلت : يابن أخي ، وما لها ؟ قال إني رأيت رجلا يُقبِّلها . قال :فبرئت منها . ثم بلغني أن الفتى تزوجها ، فأرسلت إليه فقلت : ألم تخبرني أنك رأيت رجلا يُقبِّلها ؟ قال : نعم رأيت أباها يقبلها .
العقد الفريد.
إذا فما يدري أحدكم من أبوه .  
       - سقى قوم أعرابية مسكرا ، فقالت :أيشرب نساؤكم هذا الشراب ؟ قالوا: نعم. قالت : إذا فما يدري أحدكم من أبوه .  
نفس المرجع السابق  








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق